فحينئذٍ نقول: هذا مرده إلى الاجتهاد، فإذا فصل بين أمر مطرد، حينئذٍ نقول: هذا من قبيل التحكم، فإن كان ثانيه حرف لين من الحروف مثل: ما، ولا.
ومن الأسماء التي أشبهت ما وضع على حرفين من الحروف:(نا) الدالة الفاعلين أو الدالة على المفعولين، هذه أو تلك، نقول: نا في أكرمنا .. نا، هذا اسم أو لا؟ اسم، ما الدليل؟ الإسناد إليه، أكرمنا، أسند إليه، مثل: جاء زيد أسند إلى زيد، حينئذٍ نقول: أكرمنا، هذا اسم، الأصل في الاسم أنه معرب، وهنا مبني، لم بني؟ لشبهه بالحرف، ما وجه الشبه؟ الشبه الوضعي، لماذا؟ لأن نا اسم والأصل فيه أن يكون على ثلاثة أحرف، لكنه وضع على صورة الحرف فأشبه الحرف، فحينئذٍ سحب حكمه البناء إلى الاسم فبني نا.
أو على حرفين: حرفي هجا، كنا في أكرمنا، ولذلك أشار ابن مالك في قوله:
كالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا .. في اسمي .. اسمين هذا الأصل، أضيف إلى جملة جئتنا، أريد أو قصد لفظها، فاسمي مضاف وجئتنا مضاف إليه، قصد لفظه، حينئذٍ يكون الإعراب مقدراً منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الحكاية، فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا، يعني: في اسمي قولك جئتنا وهما التاء وناء؛ لأن جئت هذا فعل ليس باسم، جئت جاء هذا الأصل، حذفت الألف للتخلص من التقاء الساكنين، جئ: هذا فعل، تا نا: هذان اسمان، ليس عندنا اسمان في هذا التركيب إلا التاء ونا الدالة على مفعولين.
جئتنا: التاء الدالة على الفاعل المخاطب، ونا: دالة على المفعول، كلاهما مبنيان مع كون الأصل فيهما الإعراب، لم بنيا؟ لشبه الحرف، ما وجه الشبه؟ الشبه الوضع، التاء أشبهت لام الجر، ونا أشبهت قد أو هل أو نحوها، أو إن شئت قل: ما ولا؛ لأن ثانيها حرف لين.
إذاً: ما جاء من الأسماء على حرفين أو حرف، نقول: مبني، وهذا الشبه الوضعي خاص بباب واحد في الأصل المطرد، وهو باب المضمرات، فكل المضمرات مبنية، محل وفاق، المضرمات كلها مبنية، ما وجه الشبه في المضمرات؟ نقول: أشبه الحرف، أشبه الحرف في ماذا؟ في الوضع، طيب! كل المضمرات على حرف أو حرفين، أما عندنا: أنا، ونحن؟ هذه على ثلاثة حروف، لم بنيت والأصل فيها أنها أشبهت الاسم، والشيء إذا أشبه الشيء أخذ حكمه، ولم يأخذ إعراب الاسم كما أخذ الاسم بناء الحرف، لم يحصل فيه العكس، أولاً نقول: بني نحن ونحوه مما زاد على حرفين، يعني: مما خرج عن أصل وضعه في الحروف بني طرداً للباب على وتيرة واحدة.
هذه كلها علل عليلة، لكن نذكر ما يذكره النحاة، طرداً للباب على وتيرة واحدة، يعني: بني التاء لكونه أشبه الحرف في الوضع، هذا واضح سلمنا، بني: نا لكونه أشبه الحرف في الوضع سلمنا، لكن: نحن، وأنا، وأنت، ما وجه البناء؟ قالوا: طرداً للباب على وتيرة واحدة، لئلا يفصل أويجزئ، فنقول: التاء ونا مبنيان، ونحن معرب، حينئذٍ جعلنا الباب كله مبنياً، ولماذا لم يعرب؟ إذا قلنا: القاعدة العامة عند النحاة: أن الشيء إذا أشبه الشيء أخذ حكمه، فالاسم إذا أشبه الحرف أخذ حكمه وهو البناء، وهنا: نحن أشبه زيد.