وأصل وضع الاسم على ثلاثة أحرف، فالحرف أشبه الاسم، لماذا لم يعرب؟ قالوا: لأن علة الإعراب في الأسماء توارد المعاني التركيبية عليه، وهذه ليست موجودة في الحروف؛ لأن الحروف ليس لها علاقة بالمعاني التركيبية في الأصل، بمعنى: أن المعاني العامة كالفاعلية والمفعولية والإضافة والإسناد إليه، وكونه مسنداً هذه معاني عامة تركيبية لا تظهر إلا بعد التركيب، هذه هل تتوارد على الحرف؟ لا، لا تتوارد على الحرف.
إذاً: لم يعرب (نحن) ونحوه لعدم وجود علة إعراب الاسم، فحينئذٍ لم يوجد الشبه على وجه التمام، فلذلك بقي على أصل البناء طرداً للباب، أو على حرفين كنا في أكرمنا، وإلى ذلك أشار بقوله: في اسمي جئتنا، فالتاء في جئتنا اسم؛ لأنه فاعل، وهو مبني، انظر مقدمات هذه مرادة.
قال: فالتاء في (جئتنا) اسم، لماذا حكمنا عليه بأنه اسم؟ قال: لأنه فاعل، هذا التعليل، وهو مبني، لماذا؟ لأنه أشبه الحرف في الوضع في كونه على حرف واحد، إذاً: أشبه الحرف الأحادي، نحو باء الجر ولامه، وواو العطف وفائه، ونا: اسم لأنها مفعول، والمفعول لا يكون إلا اسماً، وهو مبني لشبهه بالحرف في الوضع في كونه على حرفين، يعني: مثل من، وهل، وبل، وهذا الشبه قلنا: خاص بباب المضمرات.
أبٌ .. أخٌ .. يدٌ .. دمٌ، هذه على حرفين، هل أشبهت الحرف في أصل الوضع؟ (أبٌ .. أخٌ .. حمٌ .. دمٌ .. يدٌ)، هذه على حرفين، هل هي مثل: نا، نقول: لا، لماذا؟ لأنها على حرفين في اللفظ فحسب، وأما في الحقيقة فهي على ثلاثة أحرف؛ لأن أخٌ أصلها:(أخوٌ، أبٌ .. أبوٌ، حمٌ .. حموٌ، يدٌ .. يديٌ، دمٌ .. دميٌ أو دموٌ)، كلها حذفت لاماتها اعتباطاً، يعني: من غير علة تصريفية.
ولذلك الأولى أن يُعَبَّر فيقال: أن يكون الاسم موضوعاً على حرف أو حرفين حقيقةً، احترازاً عن نحو أبٍ ونحوه، أن يقال بأن يكون الاسم على صورة الحرف أو الحرفين حقيقةً، يعني: في أصل الوضع هكذا وضع، وأما إذا حذف منه اعتباطاً أو لغير ذلك فحينئذٍ نقول: هذا الحذف لا يخرج اللفظ عن أصله وضعه، فأب على ثلاثة أحرف على الأصل، وأخ على ثلاثة أحرف، ويد ودم كذلك، إذاً: هذا هو النوع الأول من أنواع الشبه: الشبه الوضعي نسبةً إلى الوضع، الأصل في وضع الحروف أن تكون على حرف أو حرفين، فإذا وجد في الاسم ما هو على حرف أو حرفين حقيقةً حينئذٍ قلنا: هو مبني، وهذا الباب خاص بباب المضمرات، عرفنا قوله: كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا، يعني: في اسمي قولك: جئتنا وهما التاء وناء، ثم أشار إلى النوع الثاني بقوله:
والمَعْنَوِيِّ فِي مَتَى وَفِي هُنَا: هو يبين وجه الشبه، ثم يمثل له بالباب الذي اختص به؛ لأنها محصورة في ستة أبواب، محصورة هذه أوجه الشبه في ستة أبواب، الشبه الوضعي في المضمرات تأخذه من قوله: جئتنا، والمعنوي، يعني: وكالشبه المعنوي، هذا مقابل للأول، الأول الشبه الوضعي قلنا: هذا مختص بالوضع بالحروف باللفظ فحسب، هذا يقابله .. المرد يكون إلى المعنى.