للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بخلاف: قام الزيدون أنفسهم، هل يشترط؟ لا يشترط، وهذا مأخوذٌ من الأبيات السابقة، وكذلك من قوله: (وَإِنْ تُؤكِّدِ الضَّمِيرَ) إذاً: إذا أكدت الاسم الظاهر فعلى الأصل: أنه لا نحتاج إلى فاصلٍ. بخلاف: قام الزيدون أنفسهم، فيمتنع توكيده بالضمير، لأن الاسم الظاهر لا يؤكَّد بالضمير، لأن الضمير أعرف كما سبق، فحينئذٍ لا يكون مؤكداً.

قال: فإذا أكدته بغير النفس والعين لم يلزم ذلك، تقول: قوموا كلكم .. قوموا أنفسُكم، لا يصح، قوموا أنتم أنفسُكم .. قوموا كلكم، صح، لماذا؟ لأن الشرط أن يكون المؤكد هو النفس والعين، وما عداهما لا يجب، (وَالقَيْدُ لَنْ يُلْتَزَما) إذاً: قوموا كلكم .. قوموا أنتم كلكم، يجوز؟ يجوز الوجهان والفصل أحسن. تقول: قوموا كلكم، أو: قوموا أنتم كلكم فالضمير جائزٌ لا واجب بل هو حسنٌ .. أن يُفصل بين الضمير المتصل المرفوع وبين ما عدى سوى .. إذا أكد بما سوى والعين حينئذٍ نقول: الفصل حسنٌ وليس بواجبٍ. وكذا إذا كان المؤكد غير ضمير رفعٍ، بأن كان ضمير نصبٍ أو جرٍ فتقول: مررت بك نفسك، أو عينك، ومررت بكم كلكم، ورأيتك نفسك أو عينك، ورأيتكم كلكم، حينئذٍ نقول: هذا توكيدٌ بما سوى النفس بضميرٍ متصل، لكنه منصوبٌ أو مخفوض، حينئذٍ لا يتعين الفصل.

إذاً خلاصة هذا البحث: أنه إذا أُكد الضمير المتصل المرفوع وجب الفصل بضميرٍ منفصل، وهذا إذا كان التوكيد بالنفس والعين فقط، والعلة ما ذكرناها سابقاً، وأمَّا إذا أُكد غير الضمير المتصل المرفوع، وهذا يشمل الاسم الظاهر، ويشمل الضمير المتصل المنصوب أو المخفوض، فلا يجب بل هو حسنٌ فيما إذا كان التوكيد بالنفس والعين، وإذا كان التوكيد بغير النفس والعين، حينئذٍ لا يجب الفصل مطلقاً، سواءٌ أُكد الضمير المتصل المرفوع أو سواه، هذا مراده بهذين البيتين.

إذاً: (عَنَيْتُ ذَا الرَّفْعِ) هذا تقييد لقوله: (الضَّمِيرَ المُتَّصِلْ) .. انتبه لهذا!

(وَأَكَّدُوا بِمَا سِوَاهُمَا) هذا تصريحٌ بالمفهوم بقوله: (بِالنَّفْسِ وَالعَينِ) لأنه متعلق بقوله: (تُؤَكِّدِ).

ثُمَّ قال:

وَمَا مِنَ التَّوكِيدِ لَفْظِيٌّ يَجِي ... مُكَرَّراً كَقَوْلِكَ ادْرُجِي ادْرُجِي ...

هذا شروعٌ منه في بيان القسم الثاني من نوعي التوكيد، سبق أن التوكيد نوعان: توكيدٌ معنوي، وتوكيدٌ لفظي، التوكيد المعنوي محصورٌ في سبعة ألفاظ، ولذلك لم يحده النحاة، والتوكيد اللفظي هذا كذلك مقابلٌ للأول، الأول باعتبار المعنى، ولكنه بألفاظٍ محصورة، وهذا بذات اللفظ، وليس له ألفاظاً محصورة وإنما له الجنس، لأنه يقع بالفعل، ويقع بالجملة، ويقع بالحرف، ويقع بالاسم، يكون التوكيد اللفظي بماذا؟ بالفعل .. جنس الفعل، وأمَّا إذا أردنا أن نعدد الأفعال فهذا لا حصر لها، وكذلك بالاسم، وكذلك بالحرف، وكذلك بالجملة، يؤكّد بها.