للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(بِوَاوٍ) الواو اسمٌ مجرورٌ بالباء، وجره كسرة ظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ تقديره كائنٌ .. كائنٌ بالرفع ولا تقول: كائناً أو كائنٍ، إنما تقدره: كائنٌ بالرفع لأنه خبرٌ، والخبر مرفوع، (فَالْعَطْفُ مُطْلَقَاً بِوَاوٍ) كائنٌ بواوٍ، لكن هنا نقول: بواوٍ وما عطف عليه، لأن الخبر هنا مجموع، لأنه أراد أن يبيِّن حروف العطف، العطف كائنٌ بأي شيء؟ ليس بالواو فقط، وما عداها ليس بحرف عطف لا، إنما المراد الواو وما عطف عليه.

حينئذٍ نقول: الواو وما عطف عليه خبر المبتدأ، لكن هذا عند بيان الحكم العام، وأمَّا عند التفصيل فتعرب كل واحدةٍ على حدة، فَالْعَطْفُ مُطْلَقَاً بِوَاوٍ .. فالعطف بواوٍ مُطلقاً، كائنٌ بواوٍ مُطلقاً، مُطْلَقَاً: هذا حال من الضمير المستتر في متعلَّق الجار والمجرور، التركيب هكذا: فالعطف كائنٌ مُطلقاً بواوٍ .. كائنٌ بواوٍ مُطلقاً .. حال كونه مطلق، والمراد بالإطلاق هنا في اللفظ والمعنى، بمعنى: أن الحرف يُشرِّك، ما قبله في المعنى، يعني: معنى العامل، وفي اللفظ الذي هو الحكم الإعراب: الرفع والنصب والخفض، فإذا قيل: جاء زيدٌ وعمروٌ، الواو هنا اقتضت ثلاثة أحكام، أو حكمين؟

الواو هنا شَرَّكت ما بعدها فيما قبلها في المعنى، ما المراد بالمعنى؟ يعني: معنى العامل، أليس الفاعل الذي عُطف عليه في عمرو، أليس هو متصف بالمجيء في الزمن الماضي؟ بلى، هو هذا المعنى، فإذا قيل: جاء زيدٌ، زيدٌ: موصوفٌ بكونه وقع منه مجيءٌ في الزمن الماضي، هذا معنى السابق، إذا قيل: وعمروٌ، الواو شَرَّكت عمرو مع زيد في المعنى الذي ثبت له وهو المجيء في الزمن الماضي، هذا المراد به في المعنى.

ثُمَّ في الإعراب، إذا كان ما قبله مرفوع شَرَّكت ما بعده في الرفع، وإذا كان ما بعده منصوباً شَرَّكته في النصب، وهكذا في الخفض، إذاً: تشريكٌ في المعنى وفي الحكم، هذا المراد بقوله: (مُطْلَقَاً) لأن بعض الحروف تُشَرِّك ما بعدها فيما قبلها في الإعراب فحسب، وأمَّا الحكم لا، إمَّا أن يكون مسكوتاً عنه كما هو الشأن في بعض أحوال (بل) وأمَّا أن يكون ثابتاً له نقيض ما قبل، ولذلك قال: (وَأَتْبَعَتْ لَفْظَاً فَحَسْبُ بَلْ) هذا مقابل لقوله: (مُطْلَقاً) يُفسِّره.

إذاً: قَسَّم لك الحروف إلى قسمين: عطف مُطلقاً بمعنى: أن هذا الحرف شَرَّك ما بعده فيما قبله في الحكم، وهو الإعراب، والذي عبر عنه باللفظ رفعاً ونصباً وخفضاً، وفي المعنى بمعنى: أنه يثبت لما بعد الحرف ما ثبت لما قبل الحرف، وهو مقتضى العامل السابق.

(وَأَتْبَعَتْ لَفْظَاً فَحَسْبُ) يعني: فقط دون المعنى (بِواوٍ ثُمَّ فَا) يعني: بواوٍ وثُم على إسقاط حرف العطف، و (فَا وحَتَّى أَمَ اوْ) أصلها: أمْ أَو .. أمْ: بإسكان الميم وأو، وكل همزةٍ في حرفٍ فهي همزة قطع إلا همزة واحدة اختلفوا فيها: همزة (أل) هل هي همزة قطع أم همزة وصل؟ على الخلاف السابق، وأمَّا ما عداها فهو متفقٌ عليه أن همزته همزة قطع، إذاً: هنا أسقطها الناظم لضرورة النظم، وهكذا تقرؤها: أَمَوْ .. (أَمَ اوْ)، (كَفِيْكَ صِدْقٌ وَوَفَا) كَفِيْكَ يعني: كقولك: فيك صدقٌ ووفاء.