للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذاً: إذا طبقت حد الناظم (تَالٍ بِحَرْفٍ مُتْبِعٍ) هذا الحد، (بِوُدِّ وَثَنَاءٍ) تقول: ثناء هو قوله: (تَالٍ) المراد تابع، والواو قبله هي المعنية بقوله: (بِحَرْفٍ مُتْبِعٍ) أتبعه في الإعراب، شَرَّكه في إعراب ما قبله، إعراب ما قبله ما هو؟ الخفض .. الجر بالباء، وَثَنَاءٍ: مجرور بأي شيء؟ بـ: (اخْصُص) أو بالباء؟ بالباء لأنه خفض، و (اخصص) هذا فعل، والفعل لا يقتضي الخفض، وإنما يرفع أو ينصب.

إذاً (بِوُدِّ) بمحبةٍ وثناءٍ يعني: بخيرٍ، (ثَنَاءٍ) هذا العامل فيه هو العامل في المَتْبُوع، التالي الذي هو: ثناء، العامل فيه هو العامل في المَتْبُوع وهو الباء.

(مَنْ صَدَقْ) يعني: الذي صدق، من: اسمٌ موصولٌ بمعنى: الذي، وصدق: فعلٌ ماضي، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على (من)، حينئذٍ نقول صدق: فعل وفاعله، والجملة لا محل لها صلة الموصول، طيب! (من) هنا يحتمل أن يكون بمعنى: الذي، أو: الذين، لماذا قلنا بمعنى: الذي؟ أو يحتمل أن يكون بمعنى: الذين، أليست (من) هذه اسم موصول مشترك، مفرد ومثنى والجمع، متى نقول: هذه بمعنى: الذين، أو بمعنى: اللذين، أو بمعنى: الذين؟

لمَّا أفرد الفاعل مذكر علمنا أن مراده (من) المفرد، إذ لو كان مثنًى لقيل: من صدقا .. من صدقوا بالواو، مثل أن تقول: جاء الذي قام، واللذان قاما، والذين قاموا، كذلك (من) .. جاء من قام .. جاء من قاما .. جاء من قاموا، فتنظر إلى العائد، فإن كان مفرداً حكمت عليه بالإفراد، إلا فيما إذا كان السياق قد يدل على أنه أعاد الضمير على (من) لفظ دون المعنى، وهذا سبق معنا: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ)) [البقرة:٨] هنا أعاده على اللفظ مع كون المعنى جمع، لكن لا بد من قرينة أخرى: ((وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ)) [البقرة:٨].

إذاً:

تَالٍ بِحَرْفٍ مُتْبِعٍ عَطْفُ النَّسَقْ ... كَاخُصُصْ بِوُدِّ وَثَنَاءٍ مَنْ صَدَقْ

حَدَّ لنا عطف النسق، ثُمَّ بيَّن لنا الحروف التي يعطف بها، يعني: كأنه فَسَّرَ لنا قوله: (بِحَرْفٍ مُتْبِعٍ) ما هو هذا الحرف؟ لا بد أن يكون توقيفياً، وثَمَّ حروف متفق عليها، وثَمَّ حروف مختلف فيها، والقول هنا كالقول في حروف الجر، يعني: ذكر المعاني التي تُذكر في هذا الباب لا يمكن استقصاؤها، وإنما نذكر الأصول، ومغني اللبيب من أراد التوسع فليرجع إليه، وإلا ثَمَّ مسائل فيها خلاف طويل عريض جداً.

(فَالْعَطْفُ) الفاء هذه فاء الفصيحة، كأن سائلاً قال: ما هو هذا الحرف المُتْبِع؟ فقال: (فَالْعَطْفُ مُطْلَقَاً)، فَالْعَطْفُ الفاء: فاء الفصيحة، والْعَطْفُ: مبتدأ وخبره قوله: (بِوَاوٍ) وما عطف عليه، الباء حرف جر، واوٍ أي: مسمى واوٍ، لأن الواو ليست هي حرف عطف، وإنما هي اسمٌ، بدليل دخول الباء عليها: و (بِوَاوٍ) .. والتنوين كذلك، فهي اسمٌ، وإنما لمراد: مسمى الواو، جاء زيد وا .. وه .. وه، هذا هو الذي هو مسمى الواو، أمَّا الواو فهي اسمٌ وليست بحرفٍ.