للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لخرج جميع ذلك، لأن تبعية البيان المسبوق بـ (أي) التفسيرية، والتوكيد المسبوق بالعاطف ليست بسبب الحرف، لثبوت التبعية لهما مع حذف (أي) والعاطف، لأننا لو قلنا: السبب هو وجود الفاء أو ثم، طيب! احذفها: كلا سيعلمون .. كلا سيعلمون، هل خرج عن كونه توكيداً؟ لا، إذاً: كونه تابعاً لما قبله ليس بسبب ثم، بخلاف: جاء زيدٌ وعمروٌ، عمروٌ تابعاً لما سبق بوجود الواو، لو حذفت الواو لسقط العطف .. لما صار كلاماً فصيحاً، صار حشواً .. لغواً، فحينئذٍ كون وجود هذا الحرف لم يؤثر دل على أنه ليس بعطف نسق، ولذلك تقول: مررت بغضنفرٍ أسدٍ، صحيح؟ صحيح، إذاً: أسدٍ عطف بيان، سواءٌ وجدت (أي) أم لا، وكذلك: كلا سيعلمون الثانية، مؤكدة للأولى سواءٌ وجدت (ثم) أو لا.

إذاً: (بِحَرْفٍ) يعني: بسبب الحرف، لو لم يوجد الحرف لما كان ما بعده تابعاً لما قبله، وهذا ليس موجود في عطف البيان الذي يكون بعد (أي) التفسيرية، وكذلك الجملة المؤكدة التي تقع بعد (ثم) أو فاء.

(تَالٍ بِحَرْفٍ مُتْبِعٍ عَطْفُ النَّسَقْ) عَطْفُ النَّسَقْ: مضاف ومضاف إليه، وهو مبتدأ، وتال: خبرٌ مقدم عليه.

(كَاخُصُصْ بِوُدِّ وثَنَاءٍ مَنْ صَدَقْ) الكاف هذه تمثيلية داخلةٌ على محذوفٍ تقديره كقولك، اخُصُصْ هذا فعل أمر مبني على السكون، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره: أنت، (بِوُدِّ) الباء حرف جر، ودِّ: اسمٌ مجرورٌ بالباء، والباء أصلية، فتقتضي حينئذٍ متعلقاً تتعلق به، لماذا؟ نقول: هو حرفٌ أصلي، وإذا كان حرفاً أصلياً يقتضي متعلقاً يتعلق به، لماذا يقتضي الحرف الأصلي متعلقاً؟ معمول والمعمول يقتضي عاملاً لا بد، إذا قيل: بودٍ حرف جر، بزيدٍ، مع عمروٍ، تعرف أن هذا معمول، وكل معمول لا بد له من عاملٍ يقتضي العمل فيه، حينئذٍ لذلك قيل: بزيدٍ، زيدٍ: هذا مفعول به في المعنى تعدى إليه عامل وسبق أن حروف الجر إنما سميت حروف جر، لأنها تجر معاني الأفعال إلى مجروراتها، أو للأسماء، فإذا قلت: بزيدٍ بعمروٍ بودٍ، إذاً: ثَم معنى جُر إليه، والحرف أصلي، الكلام مفروض في الحرف الأصلي.

إذاً: ثَم معنى جُر إلى المعنى هذا، هو معنى العامل، سواء كان فعلاً أو كان وصفاً، إذاً: (بِوُدٍ) جار ومجرور متعلق بقوله: اخْصُص، يعني: بمحبةٍ وثناءٍ معطوف على وُدٍ عطف نسقٍ، والحرف هو الحرف المُتْبِع الذي عناه بقوله: (بِحَرْفٍ مُتْبِعٍ).

(ثَنَاءٍ) معطوفٌ على (وُدِّ) والمعطوف على المجرور مجرور، إذاً: (ثَنَاءٍ) هو المَعْنِي بقوله: (تَالٍ) والواو هو المعنِي بقوله: (بِحَرْفٍ مُتْبِعٍ) انتبه! يظن البعض أن زيدٌ وعمروٌ كله عطف نسق لا، جاء زيدٌ وعمروٌ: يتصور زيد وعمرو كلٌ منهما عطف نسق لا، عطف النسق: ما بعد الواو، هو الذي يُعرب بأنه عطف نسق، بِحَرْفٍ يكون سابقاً عليه.