(أم) المنقطعة، و (أو) الإضرابية، إذاً: يُشرِّكان في اللفظ والمعنى ما لم يستعملا في معنى الإضراب، وإذا استعملا في معنى الإضراب حينئذٍ قال هنا:(وَأَتْبَعَتْ لَفْظاً فَحَسْبُ بلْ)(بل) هذه تأتي للإضراب، ولذلك ضبط (أم) المنقطعة بأنها بمعنى: (بل) وَبِانْقِطَاعٍ وَبِمَعْنَى "بَلْ"، إذاً:(أم) تأتي بمعنى: (بل)، وهو قد ذكرها في المُشرِّكة في اللفظ والمعنى، ثم تأتي بمعنى:(بل)، و (بل) تُشرِّك في اللفظ لا في المعنى، إذاً: قد يكون ثَمَّ اعتراض على الناظم بهذا، لكنه راعى الأكثر والمشتهر في:(أم) أنها إذا أطلقت انصرفت إلى المتصلة، وهي المعادلة كما سيأتي.
إذاً: والصحيح أنهما يُشرِّكان لفظاً ومعنىً ما لم يقتضيا إضراباً، فإنهما حينئذٍ يُشرِّكان في اللفظ فقط، لأنهما بمعنى:(بل) و (بل) إنما تُشرِّك في اللفظ فقط.
إذاً:(أم) و (أو) فيهما تفصيل: إذا كانتا بمعنى: (بل) أخذت حكم (بل) في أنهما يُشرِّكان في اللفظ وحسب، وإذا لم يكونا بمعنى:(بل) رجعنا إلى الأصل الذي أطلقه الناظم هنا، وهو الكثير الغالب. لأن القائل: أزيدٌ في الدار أم عمروٌ .. إذا قال قائل: أزيدٌ في الدار أم عمروٌ هل فيه تَشرِيك أم لا؟ هو عالمٌ قاطع بأن أحدهما موجود، ولكن الذي أشكل عليه تعيين الموجود، إذاً: سوى بينهما في الوجود في الدار، (أم) هنا سَوَّت بينهما، لو قيل: أزيدٌ في الدار أم عمروٌ، ثَمَ تسوية بينهما .. تَشرِيك، ما بعد (أم) مشاركٌ لما قبلها في كونه موجوداً في الدار أو لا؟ وهو قاطعٌ بأن واحداً منهما في الدار، ولكن التعيين هو الذي يحتاجه جواباً لسؤاله، ولذلك في مثل هذا التركيب لا يُجاب: نعم أو لا، وإنما يقال: زيد .. عينته، عمرو .. إذاً: عينته، عينته بكونه هو الكائن في الدار، مع تجويز أن يكون الثاني كائناً في الدار.
إذا قيل: أزيدٌ في الدار أم عمروٌ؟ القائل عالمٌ بأن الذي في الدار أحد المذكورين لا بد، وغير عالمٍ بتعيينه وهذا واضح، فالذي بعد (أم) مساوٍ للذي قبلها في الصلاحية لثبوت الاستقرار في الدار وانتفائه وحصول المساواة إنما هو بأم، هذا كلامٌ نفيسٌ للصبَّان، وهو: أن (أم) حصل بها تسوية، ما بعدها لما قبلها، في كون كلٍ منهما صالحٌ لأن يكون مستقراً في الدار، وهذا هو المعنى، نحن الآن لا نتحدث عن إعراب، الإعراب واضحٌ بيِّن، وأمَّا المعنى فنقول:(أم) شَرَّكت ما بعدها فيما قبلها في المعنى، ما هو المعنى؟ صلاحية كل واحدٍ من المذكورين بعد (أم) وقبل (أم) أن يكونا هو الذي استقر في الدار، وهذا هو التشريك المعنوي، وليس فيه أزْيَدُ من هذا، كلام جميل!
وكذلك:(أو) مُشرِّكة لما قبلها وما بعدها فيما يُجاء به لأجله من شكٍ أو غيره، وهذا واضح بيِّن: تعلم النحو أو الفقه، كلٌ منهما يشتركان في معنى، وهو: صلاحية أن يكون مطلوباً في العلم الشرعي أو غيره، حينئذٍ نقول:(أو) هنا شركت ما بعدها فيما قبلها في صلاحية أن يكون مطلوباً العلم به.