للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

" والثاني: ما يُشرِّك لفظاً فقط لا معنىً " وهو المراد بقوله: (وَأَتْبَعَتْ لَفْظاً فَحسْبُ بَلْ وَلاَ لَكِنْ) هذه الثلاثة تُشرِّك الثاني مع الأول في إعرابه لا في حكمه، يعني: لا في معناه، نحو: ما قام زيدٌ بل عمروٌ، عمروٌ هو القائم، وزيدٌ منفيٌ عنه القيام، إذاً: أثبتت لما بعدها نقيض ما قبلها، أثبتت القيام لعمرو ونفته عن زيد لما سبق، لأنها لا تكون بعد نفيٍ، وجاء زيدٌ لا عمروٌ، فالجائي زيدٌ دون عمرو، جاء زيدٌ لا عمروٌ: لا هنا أثبتت لما بعدها حكم ما قبلها في الإعراب، ونفت المعنى عنه، ولا تضرب زيداً لكن عمراً، يعني: اضرب عمراً، عمراً مضروب .. مأمورٌ بضربه، وزيداً: منهي عن ضربه.

إذاً: هذه الأحرف الثلاثة تُشرِّك ما بعدها ما قبلها في الإعراب فحسب، وأمَّا في الحكم الذي هو المعنى فلا.

تكون هذه الحروف التي ذكرها الناظم هنا في البيتين تسعة: ستة في الأول، وثلاثة في الثاني، وثَمَّ أربعة أو خمسة أحرف مذكورة في المغني فليرجع إليها.

حروف العطف المذكورة تسعةٌ، وهي ثلاثة أقسام، وإن كان المشهور أنها على قسمين على ما ذكره الشارح:

- ما يُشرِّك في اللفظ فقط دائماً، وهو ثلاثة: (بل) و (لكن) و (لا) لاختلاف المتعاطفين فيها بالإثبات والنفي، المعطوف والمعطوف عليه يختلفان في الإثبات والنفي كما سبق: جاء زيدٌ لا عمروٌ، جاء زيدٌ مثبت له المجيء، لا عمروٌ منفيٌ عنه المجيء، إذ ما قبل (بل) و (لكن) منفي، وما بعدهما مثبت، و (لا) بالعكس كما سيأتي تفصيله.

- وما يُشرِّك لفظاً ومعنىً دائماً، وهو أربعة: (الواو) و (الفاء) و (ثم) و (حتى).

- وما يُشرِّك لفظاً فقط تارةً، ولفظاً ومعنىً تارةً أخرى، وهو: (أم) و (أو)، (أم) و (أو) مختلف فيها، هو ذكرها الناظم مع القسم الأول، وهو: (فَالْعَطْفُ مُطْلَقاً) يعني: ما يُشرِّك لفظاً ومعنىً مُطلقاً في كل تركيب، لكن (أم) و (أو) فيه نوع خلاف، لكنه في غير الغالب لا تكون مُشرِّكةً في اللفظ والمعنى، والناظم لم يراع هذه القلة، ولذلك حكم عليها بما حكم على (الواو) و (حتى) و (ثم) و (الفاء)، هذه دائماً في كل تركيب مُشرِّكة لما بعدها ما قبلها في اللفظ وفي المعنى، أمَّا (أو) و (أم) الغالب الكثير أنها مثل (الواو) ومن غير الغالب أنها لا تُشرِّك.

حينئذٍ الناظم لا إشكال بأنه راعى الكثرة وهي التي يؤصل عليها فحكم على (أم) و (أو) بأنها تُشرِّك ما بعدها ما قبلها في اللفظ والمعنى.

(أم) و (أو) أكثر النحاة على أنهما يُشرِّكان في اللفظ لا في المعنى، ونسبته لأكثر النحاة كما ذكرناه سابقاً، كثيراً ما ينسب شيء لأكثر النحاة يكون فيه نزاع. (أم) و (أو) وأكثر النحاة على أنهما يُشرِّكان في اللفظ لا في المعنى، وصحح الصبَّان أنهما يُشرِّكان لفظاً ومعنىً ما لم يقتضيا إضراباً، يعني: (أم) و (أو) كما سيأتي (أو) أنها تأتي للإضراب، و (أم) تأتي منقطعة: (وَبِانْقِطَاعٍ وَبِمَعْنَى "بَلْ").