(خُفِضَا بِاللاَّمِ)، (خُفِضَا) فعل ماضي، والألف هذه للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر يعود على الاسم .. خفض الاسم، يعني: الذي وقعت عليه الاستغاثة، (خُفِضَا بِاللاَّمِ) والجملة جواب (إِذَا) .. (إِذَا اسْتُغِيثَ) أين الجواب؟ (خُفِضَا بِاللاَّمِ)، باللام: جار ومجرور مُتعَلِّق بخفض، غالباً .. ليس مُطَّرِداً غالباً، ولذلك سيأتي:
وَلاَمُ مَا اسْتُغِيثَ عَاقَبَتْ أَلِفْ ..
يعني: أنه قد لا يكون فيه لام .. (خُفِضَا بِاللاَّمِ) أي: غالباً، فخفضه للتنصيص على الاستغاثة.
(بِاللاَّمِ مَفْتُوحاً) مفتوحاً: هذا حالٌ من اللام، إذاً: يَتَعيِّن في المستغاث أن يُخْفَضَ باللام مفتوحاً، فيقال: يا لَلمرتضى .. يا لَزيدٍ، يا لَـ .. باللاَّم مفتوحة، زيدٍ: هذا مجرور، إذاً المستغاث نقول: تدخل عليه اللام غالباً، وهي مفتوحة، وإذا دخلت عليه اللام فهي حرف جر كما سيأتي، وإذا كانت حرف جر حينئذٍ صار مدخولها مخفوضاً.
إذاً:(خُفِضَا) أي: الاسم المستغاث، (بِاللاَّمِ مَفْتُوحاً) حال كون اللام مفتوحاً، (كَيَا لَلمُرْتَضَى) فخفضه للتنصيص على الاستغاثة، وفتح اللام لوقوعه موقع الضمير الذي تُفتَح معه اللام لكونه منادى، لأن المنادى قلنا: في قوة ضمير الخطاب .. فيما سبق، المنادى في معنى ضمير الخطاب .. الكاف، ولذلك بُنِي، لأنه أشبه الكاف الاسمية لفظاً ومعنى، المشبهة للكاف الحرفية لفظاً ومعنى، حينئذٍ ماثله إفراداً وتعريفاً، ولذلك بُنِي المنادى.
هنا نقول: جُرَّ باللام للتنصيص، وكانت اللام مفتوحة تشبيهاً لما بعده بالضمير، لأنه في قوة المخاطب. فخَفْضُه للتنصيص على الاستغاثة، وفُتِح اللام معه لوقوعه موقع الضمير الذي تفتح معه اللام لكونه منادى، ليحصل بذلك فرقٌ بينه وبين المستغاث من أجله: يا لَزيدٍ لِعمروٍ، زيدٍ: هذا مستغاثٌ به، ولعمروٍ: مستغاثٌ له، اللام تكون مفتوحة مع المستغاث به، وأمَّا مع المستغاث له فهذه تكون مكسورة، إذاً: فُتِحَتْ مع المستغاث به ليكون ثَمَّ فرقٌ بين النوعين.
ليحصل بذلك فرقٌ بينه وبين المستغاث من أجله، وإنما أُعْرِبَ مع كونه منادىً مفرداً معرفةً، لأن تركيبه مع اللام أعطاه شبهاً بالمضاف، إذاً: إذا قيل بأنه منادى، وزيد: هذا في الأصل أنه إذا نُودِي يكون مبنياً، وهنا نقول: يا لَزيدٍ، لماذا خفضناه، والخفض يكون إعراب؟ قالوا: للزوم اللام معه غالباً كأنه صار شبيهاً بالمضاف، حينئذٍ أشبه المضاف.
وإنما اخْتِيرت اللام دون غيرها لمناسبة معناها للاستغاثة، قالوا: لأن لامها للتخصيص، أدخلت على المستغاث دلالةً على أنه مخصوصٌ من بين أمثاله، فتدل على التخصيص، ولذلك هناك تدل على الملك، وتدل على الاستحقاق، وتدل على الاختصاص، حينئذٍ لها مزية على غيرها من حروف الجر، فهي تدل على التخصيص، إذاً: كأن المنادِي أقبل على فلان .. زيد، وخَصَّه بالاستغاثة.