للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فحُذِف الضَّمير للعِلْم به، واسْتُغْنيَّ بنيَّة الإضافة، وصارت لكونها معرفةً بلا علامة ملفوظٍ بها كالأعلام وليست بأعلام، وهذا ما يُسمِّيه البعض: بِشِبْه العلميَّة، علميَّة، يعني: صار معرفةً بدون قرينة، يصدق عليه حدَّ العَلَم، وشِبْه العلميَّة: أنَّه يدل على المعرفة ولكن ليس بأداةٍ ملفوظٍ بها، فهي كالأعلام وليست بأعلام، لأنَّ العَلَم إمَّا شخصي، وإمَّا جِنسي، وليست هذه واحدة منهما، وعلى هذا ابن مالك، ونَقَله عن ظاهر كلام سيبويه: أنَّها مَعرِفةٌ بِنيَّة الإضافة.

إذاً: على قول ابن مالك، وهو الَّذي اختاره الكثير من المتأخِّرين بعده: أن (جُمَعْ) مُنِع من الصَّرف للعلميَّة والعدل، أمَّا العدل فالأصح عنده أنَّه معدولٌ عن (جَمْعَاوات) أصله: أن يُجْمَع على (جَمْعَاوات) بألفٍ وتاء، لكون مذَكَّره (أَجْمع) يُجْمع بواوٍ ونون، والقياس فيما جُمِع بواوٍ ونون أن يُجمع مؤنَّثه بالألف والتَّاء، لكنَّه ما جُمِعا بهذه الصِّيغة فَعُدِلَ عنه إلى (جُمَع) هذا يُسمَّى عدل: تَحويل الاسم من حالةٍ إلى حالةٍ أخرى، حُوِّلَ (جَمْعَاوات) إلى (جُمَعْ) حينئذٍ مُنِع من الصَّرف.

وأمَّا كونها علميَّةً -العلَّة الثانية- فلنيَّة الإضافة.

وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ إِنْ عُدِلاَ ... كَفُعَلِ التَّوْكِيْدِ. . . . . . . . . . .

هذا الأوَّل، قال ابن عقيل هنا: " الأوَّل: ما كان على (فُعَلْ) من ألفاظ التَّوكيد فإنَّه يُمنع من الصَّرف لِشِبْه العَلميَّة والعدل " لم يقل: العلميَّة، وإنما قال: شِبْه العلميَّة، لِمَا ذكرناه: أنَّه معرفة لا بأداةٍ ملفوظٍ بها، وهذا ليس بعَلَمٍ حقيقةً وليس بنكرة، وإنَّما هو شِبْهٌ بالعَلَم.

ما كان على (فُعَلْ) من ألفاظ التَّوكيد وذلك: جُمَعْ، وَبُصَعْ، وَكُتَعْ، وَبُتَعْ، فإنَّها معارف بنيَّة الإضافة إلى ضمير المؤكَّد فشابهت بذلك الأعلام، لكونه معرفةً من غير قرينة، يعني: من غير أداةٍ لفظية وهذا ظاهر مذهب سيبويه: أنَّها مُضافة إلى ضمير المؤكَّد، لكنَّه حُذِف واسْتُغني بينَّة الإضافة، حينئذٍ هي ليست عَلَماً، وإنَّما شبيهاً بالأعلام، والأعلام التي دلَّت على أنَّها معرفة - العَلَم هو الضَّمير - أين هو؟ منوي، إذاً: ليس بظاهر، وكلُّ ما عُلِّمَ بشيءٍ ليس ملفوظ حينئذٍ رجعنا إلى كونه شبيهاً بالعَلَم وليس بعَلَم.

وقيل: بالعلميَّة، وهذا ردَّه ابن مالك في (شرح الكافية) وقال في (شرح التَّسهيل): " بِشِبْه العلميَّة أو الوصفيَّة " والمشهور أنَّه العلميَّة.