للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا الحجازيُّون فَيَبْنُونه على الكسر مطلقاً وهذا لا إشكال فيه، اختلاف اللغات هنا اختلاف تنوُّع ليس اختلاف تضاد يعني: ليس في اللغة الواحدة أنَّه مبني ومعرب وإنَّما الحجازيُّون يبنونه وبنو تميم يعربونه ويختلفون في إعرابه، وهذا لا إشكال في تنوُّع اللغات.

والحجازيُّون يَبْنُونه على الكسر مطلقاً على تقديره مُضَمَّناً معنى اللام فإن ضُمِّنَ معنى اللام حينئذٍ بني لأنَّه تَضَمَّنَ معنى حرف والاسم إذا ضُمِّنَ معنى الحرف بُني لشبهه بالحرف كقوله:

وَمَضَى بِفَصْلِ قَضَائِهِ أَمْسِ ..

(مَضَى) فعل ماضي و (أَمْسِ) فاعله كسره هنا (أَمْسِ) القوافي بالجر أَمْسِ وهو فاعل، ما القول فيه؟ نقول: مبني في محل رفع، إذاً: الحجازيُّون يبنونه على الكسر مطلقاً رفعاً ونصباً وخفضاً:

مَضَى بِفَصْلِ قَضَائِهِ أَمْسِ ..

(أَمْسِ) فاعلٌ مبنيٌّ على الكسر في محل رفع.

فإن أردت بأمْسِ يوماً من الأيام الماضية مُبْهَماً غير معيَّن أو عَرَّفته بالإضافة (أمْسِكَ) أو بالأداة (الأمس) فهو مُعْرَبٌ إجماعاً ولذلك قلنا الشروط خمسة، وإن اسْتُعْمِلَتْ يعني: اللفظة المجرَّدةَ والمرادُ به مُعَيَّن ظرفاً فهو مَبْنىٌّ إجماعاً يعني: إذا استعمل (أمس) مراداً به الظَّرف فقط فهو مبنيٌّ إجماعاً للعلَّة التي ذكرناها في بناء الحجازيين له وهو تَضَمُّنُه معنى اللام.

إذاً:

وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ إِنْ عُدِلاَ ... كَفُعَلِ التَّوْكِيدِ أَوْ كَثُعَلاَ

وَالْعَدْلُ وَالتَّعْرِيفُ مَانِعَا سَحَرْ ... إِذَا بِهِ التَّعْيِينُ قَصْداً يُعْتَبَرْ

إذَا يُعْتَبرْ بِهِ التَّعْيِيِنُ قَصْداً .. إذا قُصِد به أن يكون معيَّناً احترازاً من المُبْهَم فإنَّه يكون مصروفاً لا ممنوعاً من الصَّرف، إذاً العدل والعلميَّة يكون في باب (فُعَلِ التَّوْكِيدِ) ويكون في باب (فُعَلِ علماً لمذَكَّر) ويكون في باب (سَحَر) وزدنا عليه باباً رابعاً وهو (فُعَلْ) في باب (فُسَق ونحوه) وقيل (أمْسِ) وإن شئت جعلت بدل (أمس) وجعلت (أمس) الدَّاخِلة مع (سَحَر) تجعل معه قوله:

وَابْنِ عَلَى الْكَسْرِ فَعَالِ علَمَا ..

حينئذٍ المعدول مع العلميَّة خمسة أبواب:

فُعَلْ التَّوُكِيِدْ، وَفُعَلْ عَلَمْاً لمُذَكَّرْ، وَسَحَر، ومثله: أمْس، وَفُعَلْ في بَابِ سبِّ الذَّكَرْ هناك كَغُدَرْ وَلُكَعْ وَفُسَق، وما كَانَ على وَزْنِ فَعَالِ وهو علمٌ للمؤنَّث.

قال ابن عقيل هنا في (سَحَر) " سحر إذا أُريد من يوم بعينه: جئتك يوم الجمعة سَحَرَ، فـ: (سَحَرَ) ممنوع من الصَّرف للعدل وشبه العلميَّة وذلك أنه معدول عن السَّحَر لأنَّه معرفة والأصل في التَّعريف: أن يكون بـ (أل) أو بالإضافة فَعُدِل به عن ذلك وصار تعريفه مُشْبِهاً لتعريف العلميَّة من جهة أنَّه لم يُلفظ معه بمعرِّف، فلو نُكِّر (سَحَر) وجب التَّصَرُّف والانصراف لقوله تعالى ((نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ)) [القمر:٣٤] " (الباء): حرف جر و (سَحَر): اسم مجرور، والجار والمجرور متعلِّق بقوله (نَجَّيْنَاهُمْ) (بِسَحَرٍ) يعني في سَحَرٍ، الباء هنا ظرفية.