للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذهب الكسائي إلى أنَّ نحو: قاضي، اسم امرأة، وَيُعَيل، وَيَرْمي، يَجري مَجرى الصَّحيح في ترك التَّنوين وَجَرِّه بفتحةٍ ظاهرة، فيقال: هذا يُعَيْلى وَيَرْمي وقاضي، يعني: إبقاءه على أصله، هذا مذهب الكسائي، وَرَأيْتُ يُعَيلِيَ، وَيَرْمِيَ، وَقَاضِيَ، وَمَرَرْتُ بِيُعَيلِي، وَيَرْمِي، وَقَاضِي، فتبقى الياء كما هي ساكنة ولا يُجْرِيه مُجْرى (جَوَارٍ وَغَوَاشٍ) هذا رأيٌّ للكسائي والجمهور على خلافه.

(وَمَا يَكُونُ مِنْهُ) والَّذي يكون .. مبتدأ، (يَكُونُ مِنْهُ) يعني: مِمَّا لا ينصرف معرفةً أو نكرة (مَنْقُوصَاً) يعني: آخره ياء .. قبل النَّقل، وأمَّا بعده فهذا ذهب في قوله: (وَذَا اعْتِلاَلٍ)، فـ (يَقْتَفِي) يتَّبع (فِي إِعْرَابِهِ نَهْجَ جَوَارٍ) فَيُرْفَع وَيُنَوَّن تنوين عوض، وينصب على الفتحة الظَّاهرة وتبقى الياء، ويُخْفَض بالفتحة نيابةً عن الكسرة، وَيُنَوَّن تنوين عِوَض وتُحْذَف الياء، وما كان مختوماً بالواو وجب قلب الواو ياءً، لأنَّه لا يوجد عندنا اسم معرب آخره واو.

وَلاِضْطِرَارٍ أَوْ تَنَاسُبٍ صُرِفْ ... ذُو المَنْعِ وَالمَصْرُوفُ قَدْ لاَ يَنْصَرِفْ

وَجَائِزٌ فِي صَنْعَةِ الشِّعْرِ الصَّلِفْ ... أَنْ يَصْرِفُ الشَّاعِرُ مَا لاَ يَنْصَرِفْ

يعني: الممنوع من الصَّرف إذا اضْطُرَّ الشَّاعرُ إلى صَرْفِه صَرَفَهُ لأنَّه رجوعٌ إلى الأصل وهذا في الجملة مُتَّفق عليه، في الجملة، ثَمَّ نوعان مختلفٌ فيهما، في الجملة: ما اضْطُرَّ الشاعر إلى صَرْفِه صَرَفَهُ، مثال الضَّرورة كقول الشاعر:

وَيَوْمَ دَخَلْتُ الْخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ ..

(عُنَيْزَةٍ) جَرَّه والأصل أن يقول: عُنَيْزَةَ، لأنَّه علم مُؤَنَّث، فاجتمع فيه علَّتان فهو ممنوع من الصَّرف.

وَيَوْمَ دَخَلْتُ الْخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ ... فَقَالَتْ لَكَ الوَيلاتُ إنَّكَ مُرِجِلي

ومثله:

تَبْصَّرْ خَلِيْلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَغَائِنٍ ..

(ظَغَائِنٍ) بعد ألف تكسيره حرفان، حينئذٍ هو ممنوعٌ من الصَّرف لكونه على صيغة منتهى الجموع.

إذاً: يُصْرَف الممنوع من الصَّرف فَيُرَدُّ إلى أصله، وحينئذٍ لا إشكال.

(وَلاِضْطِرَارٍ) وهو في الشِّعر كثير بل هو الظَّاهر أنَّه محله الشِّعر، واخْتُلِف في نوعين، يعني: فيما يَجوز أنَّه إذا اضْطُرَّ هل يُنَوِّنُه فَيردُّه إلى أصله أم لا؟

الأوَّل: ما فيه ألف التَّأنيث المقصورة، عرفنا فيما سبق أنَّ التَّنوين ساكن حينئذٍ ألف مقصورة ساكنة، فماذا يصنع الشاعر؟ إذا اضْطُرَّ إلى أن يُنَوِّن المختوم بألفٍ ساكنة، يلتقي ساكنان فتحذف الألف، جئت بساكن مثله! ليس فيه فائدة، لكنَّه سُمِع ما دام أنَّه سُمِع فيجوز.

ما فيه ألف التَّأنيث المقصورة فمنع بعضهم صرفه للضَّرورة، وقال لأنَّه لا فائدة فيه، إذ يزيد بقدر ما ينقص، ما الَّذي نقص؟ ساكن .. زاد ساكناً، هو نفسه .. دوران .. يدور، يعني: تأتي بالتَّنوين وهو ساكن فتحذف السَّاكن، إذاً: يزيد بقدر ما ينقص.

وَرُدَّ بقوله:

جُزْءَاً لآخِرَتِي وَدُنِياً تَنْفَعُ ..