للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَدُنِياً تَنْفَعُ) نَوَّن (دُنِيَا) و (دُنِيَا) هذا مثل (حُبْلَى) ممنوعٌ من الصَّرف، ما دام أنَّه سُمِع نمشي معه، فيجوز حينئذٍ أن يُنَوَّن ما كان مَختوماً بألف التأنيث المقصورة.

الثَّاني: (أفْعَلُ مِنْ) أفْعَلْ: ما كان على صيغة (أفْعَلْ) مُجَرَّد إذا قيل (أفْعَلْ مِنْ) سبق أنَّ هذا الاصطلاح يُراد به المجرَّد الَّذي يلتزم التَّذكير والإفراد، (أفْعَلْ مِنْ) منع الكوفيُّون صرفه للضَّرورة، قالوا: لأنَّ حذف تنوينه لأجل (مِنْ) هو حُذِف تنوينه من أجل (مِنْ) فكيف أنت تَرُدَّه؟ تنوينه أصلًا .. يقول: أفْضَلُ مِنْ، (أفْضَلُ) لا يُنَوَّن لأجل (مِنْ) وهذا ليس بصحيح.

قالوا: لأنَّ حذف تنوينه لأجل (مِن) فلا يُجمع بينهما، ومذهب البصريين جوازه لأنَّ المانع إنَّما هو الوزن والوصف فقط، ليس لأجل (مِنْ). ومذهب البصريين جوازه لأنَّ المانع إنَّما هو الوزن والوصف كـ: أحْمَر، لا من لا لفظ (من)، بدليل صرف: خيرٍ من، وشرٍ من، بزوال الوزن. (خيرٍ من) هذا مصروف و (شرٍ من) هذا مصروف، لزوال الوزن، لأنَّ الألف هنا حُذِفت كما سبق تخفيفاً حينئذٍ زالت الصِّيغة.

وَلاِضْطِرَارٍ أَوْ تَنَاسُبٍ ..

يعني: مناسبة، يُذْكَر الممنوع بجوار المصروف، فمناسبةً له يُنَوَّن، وهذا يُسَمَّى: تنوين المناسبة، وهو خاصٌّ كذلك بالأسماء.

ومثال الصَّرف للتَّناسب قراءة نافع والكسائي: (سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاً) (أَغْلاَلاً) هذا ممنوعٌ من الصَّرف؟ لا، (سَلاَسِلْ) هذا على وزن (مفاعل) و (أَغْلاَلاً) هذا ليس ممنوعٌ من الصَّرف، أغلال .. (أفْعَال) لمَّا نُوِّنَ (أَغْلاَل) وكان قبله (سلاسل) جرى معه، لمناسبة ما بعده نُوِّن سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاً.

وقراءة الأعمش: (وَلا يَغُوثَاً وَلا يَعُوقًا وَلا نَسْرًا) قراءة الأعمش شاذَّة (وَلا يَغُوثَاً وَلا يَعُوقًا وَلا نَسْرًا) لمناسبة (نسرا) لأنَّ (نسراً) هذا مصروف.

إذًا: وَلاِضْطِرَارٍ أَوْ تَنَاسُبٍ صُرِفْ .. وجوباً (ذُو المَنْعِ) (وَالمَصْرُوفُ قَدْ لاَ يَنْصَرِفْ) وهذا محل نزاع .. هذا مذهب الكوفيين، وأمَّا البصريُّون فلا يُجيزون ذلك البتَّة، عندهم ممنوع أن يُمنع المصروف، لماذا؟ جَوَّزُوا الأوَّل ومنعوا الثَّاني، قالوا: هو ممنوعٌ من الصَّرف، إذا اضْطُرَّ إلى صَرْفِه صَرَفَه رجوعاً إلى الأصل، لأنَّ الأصل في الاسم أن يكون مصروفاً، فإذا مُنِع فهو فرعٌ .. فإذا نُوِّن رجعنا إلى الأصل، لا إشكال، أمَّا أن يكون الأصل فيه: أنَّه مصروف، ثُمَّ بعد ذلك نَمنعه من الصَّرف؟! هذه مشكلة، قالوا: إذًا نَمنعه، فلا يجوز أن يُمنع المصروف.

وأمَّا منع المنْصرَف من الصَّرف للضَّرورة فأجازه قومٌ ومنعه آخرون، لكونه خروجاً عن الأصل بِخلاف صرف مالا ينْصرِف فإنَّه رجوعٌ للأصل فاحْتُمِل في الضَّرورة، ومنعه آخرون وهم أكثر البصريين واستشهدوا لمنعه، يعني: ممن جَوَّزَهُ:

وَمِمِنْ وَلَدُوا عَامِرُ ... ذُوْ الطُّوُلِ وَذُوُ العَرْضِ