للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذاً القاعدة العامة: أنَّه يَحسُن إذا كان الفعل المضارع جواباً للشَّرط، وكان الماضي فعل الشرط يجوز لك وجهان في الفعل المضارع: الرَّفع والجزم، وتخريجه كما ذكرناه، وإذا كان الفعل .. فعل الشَّرط مضارعاً حِينئذٍ ضَعُف الرَّفع في الجواب إذا كان فعلاً مضارعاً، لِمَا ذكرناه من أنَّ تأثير أداة الجزم في الظَّاهر في الأول حِينئذٍ لا بُدَّ أن تؤثِّر في الثاني لفظاً، ما دام أنَّ الأول مضارع فهو مَحلٌّ لظهور الجزم، كذلك يكون الثاني مثله، والذين حسَّن في الماضي ثُم المضارع كون التأثير لم يظهر في الأول وإن كان مَحلياً.

ثُم قال:

وَاقْرُنْ بِفَا حَتْمَاً جَوَابَاً لَوْ جُعِلْ ... شَرْطَاً لإِنْ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَنْجَعِلْ

سبق أنَّ هذه الأدوات تقتضي فعلين، قلنا: الأول تأصيلاً وواقعاً لا يكو إلا فعلاً، الأول .. فعل الشَّرط (شَرْطٌ قُدِّمَا) قلنا: لا يكون إلا فعلاً مضارعاً أو ماضياً، لا يُمكن أن يقع غير واحدٍ من هذين الأمرين، والثاني تأصيلاً لا بُدَّ أن يقع فاعلاً، وفي الواقع قد يقع غير فعلٍ إمَّا جُملة اسْميَّة أو غيرها.

لذلك نقول: يشترط في الشَّرط ستة أمور:

- الأول: أنْ يكون فعلاً غير ماضي المعنى، فلا يجوز أن تكون جملة الشَّرط اسْميَّة، وأمَّا نَحو: ((وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ)) [التوبة:٦] فإن (أَحَدٌ) فاعل لفعلٍ محذوف يُفسِّره المذكور بعده على الرَّاجح، ولا يَصِح أن يكون الشرط ماضي المعنى، نحو: إنْ قام زيدٌ أمس قمتُ.

إذاً: لا بُدَّ أنْ يكون مستقبلاً، ولذلك قلنا:

وَمَاضِيَيْنِ أَوْ مُضَارِعَيْنِ ... تُلْفِيهِمَا أَوْ مُتَخَالِفَيْنِ

(مَاضِيَيْنِ) قلنا: لفظاً لا معنىً، يعني: لا يكون الفعل الذي يقع فعل الشَّرط وهو فعل ماضي يكون في الصورة وفي المعنى ماضياً لا، وإنما يكون في المعنى المراد به الاستقبال، وأمَّا في الصورة: (قام) في صورته لفظ ماضي، لكنَّه في المعنى المراد به الاستقبال، هل يَصِح أن يقع فعل الشَّرط المراد به فعل ماضي معنًى؟ نقول: لا، لا يصح، لا بُدَّ أن يكون مستقبلاً سواءٌ عُبِّر عنه بالفعل المضارع، أو عُبِّر عنه بالفعل الماضي.

المقصود هنا أن نقول: أن يكون فعلاً غير ماضي المعنى، سواءٌ جاء بلفظ الماضي أو بلفظ المضارع، ولا يَجوز أن يقع بعد أداة الشَّرط اسمٌ البتَّة، فإن ورد ما ظاهره أنَّه تلاه اسمٌ حِينئذٍ لا بُدَّ من التأويل، ((وَإِنْ أَحَدٌ)) [التوبة:٦] قلنا: (أَحَدٌ) هذا ليس بِمبتدأ، لأنَّ الجملة الاسْميَّة لا تكون فعل الشَّرط ولا تلي أدوات الشَّرط البتَّة على الصَّحيح، حِينئذٍ نُقدِّر لـ: (أَحَدٌ) فعل محذوف يُفسِّره المذكور واجب الحذف: ((وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ)) [التوبة:٦] إن استجارك أحدٌ من المشركين.