للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا يصح أن يكون الشَّرط ماضي المعنى: إنْ قام زيدٌ أمس قمت، لا يصح هذا، لماذا؟ هنا مرتب الجواب لم يقع، وإنما يَترتَّب على وقوع فعل الشَّرط، وإذا رتَّبنا على شيءٍ قد وقع وانقضى حصل التناقض: إن قام زيدٌ قمت، يعني: في المستقبل، إن قام زيد، إن حَصَل منه قيام حصل مني قيامٌ، وأمَّا: إنْ قام زيدٌ أمسِ قمت، هذا تعليقٌ على شيءٍ ليس موجوداً، لأنَّ الماضي قد انتهى وانقطع.

إذاً: لا بُدَّ أن يكون الفعل الذي يكون فعلاً للشَّرط ماضي في اللفظ لا في المعنى، وأمَّا المضارع فهو شأنه واضح، هذا الأول: أنْ يكون فعلاً غير ماضي المعنى.

- ثانياً: ألا يكون فعل الشَّرط طلبياً: إنْ اضرب زيداً! لا يصح هذا .. لا يصح أن يكون الفعل .. فعل الشَّرط طلبياً، فلا يصح: إنْ قُم، ولا: إنْ لا تقُم، هذا غير جائز، على أنَّ (لا) ناهية، وأمَّا النافية فيصح.

- الثالث: ألا يكون فعلاً جامداً كـ: عسى، وليس: إنْ عسى زيدٌ يقوم، لا يصح، فلا يجوز: إنْ عسى زيدٌ إنْ يقوم، ولا يجوز: إنْ ليس زيدٌ قائماً، إذاً: الجامد لا يكون فعل شرطٍ.

- الرابع: ألا تقترن بـ: (قد)، الجملة الفعليَّة ألا تقترن بـ: (قد)، لأنها تَدلُّ على تَحقُّق وقوع ما بعدها .. موجود متحقِّق، ولذلك تفيد التوكيد، ووضع الشَّرط على أن يكون محتمل الوقوع وعدم الوقوع، فعل الشَّرط إنَّما جيء به ليدُلَّ على احتمال الوقوع وعدم الوقوع، و (قد) هذه تَدلُّ على التَّحقُّق، وهذا منافٍ للشَّرط، فلا يَجوز: إنْ قد قام زيدٌ قمتُ، لأنَّ (قد) هنا عيَّنَت الوقوع ودلَّت على تَحقُّقه.

- الخامس: ألا يكون مَنفياً بحرف نفيٍ غير: (لم) و (لا) -أمَّا (لم) و (لا) فجائز- فإن كان منفياً بـ: (مَا) أو بـ: (لنْ) أو بـ: (لَمَّا) لَم يَجُز .. لَم يَجُز أن يكون فعل شرطٍ، فلا يَجوز: إنْ لَمَّا يقم زيدٌ قُمْت، هذا باطل، ولا يَجوز: إنْ لنْ يقوم زيدٌ قمت، ولا: إنْ ما قام زيدٌ، على أنَّ (ما) نافية.

ويصح بـ: (لَم) ((فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا)) [البقرة:٢٤] .. ((وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)) [المائدة:٦٧].

- السادس: ألا يكون الفعل مقترناً بفعل تنفيس، يعني: (السين، وسوف) فلا يجوز: إنْ سيقوم زيدٌ، لأنَّ (إنْ) هي تدلُّ على ما دلَّت عليه السين: إن سيقوم زيدٌ، ولا: إنْ سوف يقوم زيدٌ.

هذه كلها نقول: ست مواضع لا يَصِح أنْ يقع واحدٌ منها موقع فعل الشَّرط، فلا بُدَّ أن يكون فعلاً ماضياً صورةً لا معنى، أو مضارعاً صورة ومعنى.

وهذه المواضع والمواقع نفسها هي التي إن وقعت جواباً اقترنت جملة الجواب بالفاء، هذه الستة الأمور:

اسْميَّةُ طلبيَّةٌ وبِجامدٍ ... وَبِمَا وَلَنْ وَبِقَدْ وَبالتَّنْفِيسِ

هذه الستة الأمور إذا وقعت جواباً للشَّرط .. يصح أن تقع، لكن لا بُدَّ من اقترانها بالفاء، وهو الذي عناه بقوله:

وَاقْرُنْ بِفَا حَتْمَاً جَوَابَاً لَوْ جُعِلْ ... شَرْطَاً لإِنْ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَنْجَعِلْ

وهو واحدٌ من هذه الأمور السِّتة.