للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثُم قال: (وَمِائَةٌ بِالجَمْعِ نَزْرَاً قَدْ رُدِفْ) (مِائَةٌ) هذا مبتدأ، و (بِالجَمْعِ) .. (وَمِائَةٌ قَدْ رُدِفْ) لذلك إذا أرَدْتَ المُتعلَّقات اعرب الخبر قبل، (وَمِائَةٌ) مبتدأ (قَدْ رُدِفْ) هذا خبره، (بِالجَمْعِ) هذا مُتعلِّق به، و (نَزْرَاً) قَدْ رُدِفْ حال كونه نزرًا، يعني: قليلًا، إذًا: قد يكون تمييز مائة مجرورًا، وهذا أشار به إلى قراءة حمزة والكِسَائي: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةِ سِنِينَ) هذا جاء بالجمع، بإضافة (مائة) إلى (السنين)، فـ: (سِنِينَ) تَمييزٌ، وفي ذلك شذوذٌ من جهة واحدة، وسَهَّلَه شِبْه المائة بالعشرة.

على كلٍ: هذا خلاف الأفصح.

(وَمِائَةٌ بِالجَمْعِ نَزْرَاً قَدْ رُدِفْ) (رُدِفْ) هذا مُغيَّر الصِّيغة، أي: تُبِع بالجمع، (مِائَةٌ) تُبِع (بِالجَمْعِ نَزْراً) أي: قليلاً.

إذًا: أراد النَّاظم أن يُبيِّن بهذا البيت: أنَّ تمييز المائة والألف إنَّما يكون في الفصيح الكثير، الذي هو القاعدة العامة: أن يكون مجرورًا، وأن يكون مفردًا، فلا يخرج عن هذين النوعين إلا ما شذَّ، وإنَّما قَدَّم النَّاظم: مائة وألفًا، على ما دونهما من العدد، يعني: إلى أحد عشر، لاشتراكهما مع ثلاثة عشر وما بينهما في كون تمييزهما مجرورًا بالإضافة.

الأصل أن يقول: (ثَلاَثَةً)، ثُم قال: (لِلْعَشَرَهْ) ثُم يقول: (أَحَدَ اذْكُرْ وَصِلَنْهُ بِعَشَرْ) هذا الأصل، لماذا قَدَّم المائة والألف؟ لأنَّ تمييز أحد عشر وما بعده يكون منصوبًا، وأمَّا تمييز الثلاثة والعشرة يكون مجرورًا، فناسب لذلك أن يذكر المجرور بجوار المجرور.

قال هنا: قد سبق أنَّ (ثَلاَثَةً) وما بعدها إلى (عشرة) لا تضاف إلا إلى جمعٍ، وذكر هنا أنَّ (مائةً وألفًا) من الأعداد المضافة كذلك، وأنَّهما لا يُضافان إلا إلى مفردٍ، نَحو: عندي مائة رجلٍ، وألف درهمٍ، وورد إضافة (مائة) إلى جمعٍ قليلًا، ومنه قراءة حمزة والكسائي التي ذكرها.

والحاصل: أنَّ العدد المضاف على قسمين:

- أحدهما: ما لا يضاف إلا إلى جمعٍ، وهو من ثلاثة إلى عشرة.

- والثاني: ما لا يضاف إلا إلى مفرد، وهو مائة وألف، وتثنيتهما نحو: مائتا درهم، وألفا درهمٍ، وأمَّا إضافة (مائة) إلى جمعٍ فقليل، بل حكم بعضهم على أنَّه شاذٌّ.

وَأَحَدَ اذْكُرْ وَصِلَنْهُ بِعَشَرْ ... مُرَكَِّبَاً قَاصِدَ مَعْدُودٍ ذَكَرْ

وَقُلْ لَدَى التَّأْنِيْثِ إِحْدَى عَشْرَةْ ... وَالشِّينُ فِيهَا عَنْ تَمِيمٍ كَسْرَهْ

وَمَعَ غَيْرِ أَحَدٍ وَإِحْدَى ... مَا مَعْهُمَا فَعَلْتَ فَافْعَلْ قَصْدَا

وَلِثَلاَثَةٍ وَتِسْعَةٍ وَمَا ... بَيْنَهُمَا إِنْ رُكِّبَا مَا قُدِّمَا

(وَأَحَدَ اذْكُرْ وَصِلَنْهُ بِعَشَرْ) يعني: رَكِّب (أَحَدَ) مع (عَشَرْ) هنا شرع في الكلام على العدد المضاف .. المركَّب، العدد المضاف سبق هذا، والآن العدد المركَّب.