للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هنا قاعدة: اعتبار التأنيث في واحدٍ المعدود إن كان اسماً فبلفظه .. إن كان اسماً فيُنْظَر حينئذٍ إلى اللفظ تقول: ثلاثة أشخُصٍ، و (أشخص) هنا جمع شخص، و (شخصٌ) مُذكَّر أو مؤنَّث؟ مُذكَّر، حينئذٍ تقول: ثلاثة أشخصٍ، ولو كان المراد بالأشخص نِسوة.

لو أردت بالأشخص النسوة حينئذٍ نقول: النَّظر إلى اللفظ من غير نظرٍ إلى المعنى المقصود من مصدق اللفظ، فقد تريد بالشخص أنثى، وقد تريد بالشخص ذكراً، حينئذٍ: ثلاثة أشخصٍ، نقول: هنا يُعتبر فيه اللفظ من حيث هو لا باعتبار المعنى، ولو كان المصدق الذي يصدق عليه لفظ شخص وهو الآحاد، لأنَّه قال:

فِي عَدِّ مَا آحَادُهُ مُذَكَّرَهْ ..

هنا آحاد (أشخص .. شخص) وهو مذكَّر حينئذٍ تأتي بالتاء، ولو كنت قاصداً بالأشخص النِّسوة، لأنَّ هذا شيءٌ خارجٌ عن اللفظ، إذاً: إن كان اسماً فبلفظه تقول: ثلاثة أشخصٍ، قاصداً نِسوة، وثلاث أعين، قاصداً رجال، لأنَّ العين هذه في الأصل: أعيُن جمع عين وهي مؤنَّثة.

لأنَّ لفظ (شخصٍ) مذكَّر، ولفظ (عينٍ) مؤنَّث، هذا ما لم يتَّصل بالكلام ما يقوي المعنى، أو يكثر فيه قصد المعنى، إذاً: قد تريد بالثلاثة هنا المعدود: أن يكون مذكَّراً أو مؤنَّثاً باعتبار المعنى لكن باعتبار اللفظ حينئذٍ يُنظر إليه باعتبار التذكير والتأنيث، فلو استعملت الشخص مُراداً به النسوة .. لو قلت: عندي ثلاثة أشخص، حينئذٍ أنَّثت، كيف تؤنِّث وأنت تريد بالشخص المؤنَّث؟ حينئذٍ نقول: النَّظر يكون إلى اللفظ (والشخص) هذا مذكَّر.

كذلك: ثلاث أعيُن، إذا أردت بالعين هنا الرجل نقول: (أعيُن) جمع عين (والعين) هذه مؤنَّثة أو مذكَّرة؟ مؤنَّثة، تقول: (هذه عين .. عينٌ فيها) إذاً: هذه يرجع إليها الضمير بالتأنيث، وحينئذٍ تقول: ثلاثُ أعيُن، ولو قصدت بالعين الرجل، فلا يُنظر إلا إلى اللفظ من حيث هو، هل هو مُذكَّر في لسان العرب أم لا؟ أمَّا ماذا تعني به؟ هذا شيءٌ آخر.

إذاً: إن كان اسماً فبلفظه من حيث هو لا باعتبار مصدقه، فقد يصدق الشخص على المؤنَّث فتقول: ثلاثة أشخص، وقد تصدق العين على المُذكَّر فتقول: ثلاث أعيُن، ولا تنظر إلى المعنى.

قلنا: هذا ما لم يتَّصل به ما يقوي المعنى، يعني: قد يتَّصل به ما يقوي المعنى من حيث انتشار الاستعمال، أو من حيث القرينة. ما لم يتَّصل بالكلام ما يقوي المعنى، أو يكثر فيه قصد المعنى، فإن اتَّصل به ذلك جاز مُراعاة المعنى.

فالأول كقوله:

ثَلاَثُ شُخُوصٍ كَاعِبَانِ وَمُعْصِرُ ..

وقوله:

وَإنَّ كِلاَبَاً هَذِهِ عَشْرُ أَبْطُنٍ ..

والقياس: عشرة أبطن، لأنَّ (البطن) مُذكَّر أو مؤنَّث؟ مذكَّر، حينئذٍ القياس: عشرة أبطن، لأنَّ (البطن) مذكَّر بحسب اللفظ، ولكن راعى فيه المعنى وهو: القبيلة، اسْتُعْمِل (البطن) مُراداً به: القبيلة فلذلك أنَّث، وإلا الأصل أن يقول: عشرة أبطن، لأنَّ (أبطن) هذا جمع (بطن) والبطن مُذكَّر، حينئذٍ يقول: عَشَرة أَبْطُنٍ.