قوله:(جُمُوعُ) .. (فُعُول) ليس من جمع القلَّة .. ليس واحداً من (أَفْعِلَ) أو (أَفْعُلْ) أو (فِعْلَة) أو (أَفْعَال) وهي أربعة أوزان، وعلى المشهور عند النُّحاة أنَّ (جُمُوعُ) يبدأ من الأحد عشر إلى ما لا نهاية، فكيف حكم على القِلَّة: أربعة، بما مدلوله ما زاد عن العشرة؟ هنا اعتراض قوله:(جُمُوعُ) .. (فُعُول) هذا جمع كثرة، أقلُّه عند النُّحاة: أحد عشر، والذي صدق عليه هنا المخبر عنه: أربعة.
الجواب: أنَّ المراد به: (أَفْعِلَةٌ .. أَفْعُلُ .. فِعْلَهْ .. أَفْعَال) المراد به الموزونات، والموزونات هذه لا حصر لها، أيضاً (جُمُوعُ) ليس له جمع قِلَّة، قلنا: ما لم يُسمع فيه قِلَّة وإنَّما سُمِع فيه كثرة أو بالعكس استعماله حقيقي، يكون من باب العاريَّة، وأمَّا مجازاً أو ما يرد عليه الاعتراض إذا سُمِع له الجمعان.
اعْتُرِض بأنَّ الجموع من أبنية جمع الكثرة، وهنا واقعٌ على أربعة ألفاظ، فكان المناسب التعبير ببناء القِلَّة، وأجاب ابن هشام بجوابين:
الأول: أن مفرد (جُمُوعُ) لم يُجمع جمع قِلَّة، وهذا جيد، فحينئذٍ استعمال (جُمُوعُ) في القِلَّة حقيقة.
الثاني: أنَّ القليل هذه الألفاظ أوزان، وأمَّا موزوناتها فكثيرة في التعبير وفي جمع الكثرة بهذا الاعتبار.
قال الشَّارح هنا: جمع التكسير: هو ما دلَّ على أكثر من اثنين بتغييرٍ ظاهر، يعني: ملفوظ، كـ: رَجُلْ .. رِجَال، هذا يدخل تَحته السِّتة الأنواع، أو مُقَدَّرٍ كـ: فُلْكٍ، للمفرد والجمع، (فُلْك) اسْتُعمل مراداً به الواحد، واستعمل مراداً به الجمع، حينئذٍ نقول: لا بُدَّ من تقدير أن الثاني غير الأول، ليس عندنا لفظ وهو جمع يستوي فيه المفرد والجمع فلا بُدَّ من التقدير.
والضَّمَّة التي في المفرد كضمَّة: قُفْل، والضَّمَّة التي في الجمع كضمَّة: أُسْد، يعني: ليس المراد: قُفْل وَأُسْدْ، بعينه، لا .. ائت بمفرد على وزن (فُعْل) وقل هذا مثله، وائت بجمعٍ على وزن (فُعْل) وقل هذا مثله، ليست الأمثلة هنا توقيفية، وهو على قسمين: جمع قلَّة، وجمع كثرة، فجمع القِلَّة يدلُّ حقيقةً على ثلاثةٍ فما فوقها إلى العشرة، وجمع الكثرة يدلُّ على ما فوق العشرة إلى غير نهاية، وهذا يحتاج إلى دليل ولا دليل، ويستعمل كُلٌّ منهما في موضع الآخر مجازاً، هذا يُقَيَّد .. على هذا القول مُقيَّد بِما إذا سُمِع له الجمعان: جمع قِلَّة وجمع كثرة، وأمَّا إذا سُمِع جمع قِلَّة فقط فليس مجازاً إذا استعمل في الكثرة، أو سُمِع له جمع كثرة فقط ولم يسمع جمع قِلَّة فليس مجازاً إذا استعمل في القِلَّة، وأمثلة جمع القلَّة كما ذكرناها سابقاً، وما عدى هذه الأربعة من جموع التكسير فجموع كثرة.