(أَفْعِلَة) وزن، موزونه: أسلحة، و (أَفْعُلُ) وزن، موزونه: أَفْلُس، و (فِعْلَهْ) وزن وموزونه: فتية، و (أَفْعَال) وزن وموزونه أفراس، ما الذي ينوب عن بعض .. (أَفْعِلَة) ينوب عن (أَفْعُلُ)؟ ليس المراد: الأوزان هي التي تنوب عن الآخر، وإنَّما المراد الموزونات.
إذاً قوله:(وَبَعْضُ ذِي) أي: وبعض موزونات ذِي، (ذِي) المراد به: الأربعة، بعض جموع القِلَّة من حيث الموزونات يدلُّ على كثرةٍ، (وَضْعاً) يعني: من جهة الوضع، (وَبَعْضُ ذِي)(بَعْضُ) مبتدأ وهو مضاف، و (ذِي) مضافٌ إليه، (بِكَثْرَةٍ وَضْعاً يَفِي)(يَفِي) هذا خبر المبتدأ، وقوله:(بِكَثْرَةٍ) مُتعلِّق بقوله: (يَفِي)، (وَضْعاً) هذا منصوبٌ على التمييز، أو في الوضع يعني: بنزع الخافض .. إذا جعلناه قياساًَ، (وَبَعْضُ ذِي يَفِي) يعني: بعض هذه الأبنية يأتي في كلام العرب للكثرة، هذه التي أشار إليها بقوله:(ذِي) جموع القِلَّة قد يُستعمل وضعاً في جمع الكثرة، كـ: أَرْجُلٍ، في جمع رِجل، فإنهم لم يجمعوه على مثال كثرة، وإنَّما جُمِع جمع قلَّةٍ فحسب، (أَرْجُل) على وزن (أَفْعُل)، هل له جمع كثرة؟ ليس له جمع كثرة، حينئذٍ إذا أردت استعماله فيما زاد عن العشرة تقول: أَرْجُل، وتريد به العشرين أو الثلاثين أو المائة.
استعمالك (أَرْجُل) فيما زاد عن العشرة، نقول: هذا من جهة الوضع، لأنَّ العرب وضعوا لفظاً واحداً دالَّاً على القِلَّة حينئذٍ لا بُدَّ من استعماله فيما وُضِع له القِلَّة، وفيما هو أكثر من مدلول القِلَّة، فحينئذٍ يُستعمل في مدلول الجمعين، فَيُكْتَفى بوضع جمع قِلَّةٍ عن وضع لفظٍ يدلُّ على الكثرة.
إذاً:(أَرْجُل) هذا جمع قلَّة، فإنّهم لم يجمعوه على مثال كثرةٍ، حينئذٍ: يفي هذا الجمع (أَرْجُل) عن وضع ما يدلُّ على الكثرة، والعكس من هذا: وهو وضع ما يدلُّ على الكثرة فيفي بِما يدلُّ على القِلَّة، وهذا يدل على أن ابن مالك يُرجِّح مذهب الجمهور.
(وَالْعَكْسُ) يعني: وضع ما يدلُّ على الكثرة ثُمَّ يستعمل في القِلَّة، كذلك في لسان العرب، (وَالْعَكْسُ) مبتدأ، و (جَاءَ) خبر .. جاء هو، أي:(الْعَكْسُ).
والعكس من هذا وهو الاستغناء ببناء الكثرة عن بناء القِلَّة، (جَاءَ) أي: وضعاً .. قَدِّر وضعًا، لأنَّه قال في السابق:(وَضْعاً)، (وَالْعَكْسُ جَاءَ) أي: وضعاً، معناه: أنَّ العرب وضعته لذلك، واستغنت به عمَّا يستحق.
الوضع في الموضعين معناه: أنَّ العرب وضعته لذلك، إمَّا للقِلَّة دون الكثرة، أو للكثرة دون القِلَّة، واستغنت به عمَّا يستحق، (كَالصُّفِي)(الصُّفِي) أصله: صُفوي، بواوٍ وياء كُلٌّ منهما ساكن، اجتمعت الواو والياء فوجب قلب الأولى الواو ياءً ثُمَّ أُدْغِمت الياء في الياء فقيل:(صُفِي) أصلها: صفوْيْ، واوٌ ساكنة ثُمَّ ياءٌ ساكنة، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فَقُلِبت الواو ياءً، وَأُدْغِمت في الياء وَكُسِرت الفاء للمناسبة.