للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويسمى ما يصل إلى مفعوله بنفسه فعلاً متعدياً وواقعاً؛ لأن الحدث وقع على المفعول به، سمي واقعاً، ومجاوزاً؛ لأن الحدث تجاوز الفاعل إلى المفعول به، ضرب زيد: أوقع زيد الضرب ثم تجاوز إلى المفعول به، وما ليس كذلك يسمى لازماً وقاصراً وغير متعدٍّ، ويسمى متعدياً بحرف الجر، إذا سمي متعدي لا بد من تقييده؛ لأن المقصود باللازم: الإخبار بحصول الحدث من الفاعل، -هذا هو المقصود-، المقصود بالفعل اللازم: الإخبار بحصول الحدث من الفعل. وقد قلنا: الحدث نوعان: حدث لا يتعدى، قام زيد ليس له أثر في الغير، أما ضرب حينئذٍ نقول: هذا يتعدى إلى الغير، قتل زيد لا بد من مقتول وإلا لا يكون قاتلاً، ضرب زيداً لو ضرب هكذا في الهواء لا يسمى ضارباً، هذا لعب، لا بد من مفعول به يصدق عليه وقوع الضرب، وأما اللازم لا، إنما يدل على إخبار بحصول حدث من الفاعل.

وعلامة الفعل المتعدي أن تصل به هاء تعود على غير المصدر، فإن عادت على مصدر لا يعتبر علامة وهي هاء المفعول به. الباب أغلقته، أغلقته: هذا فعل متعدي بدليل اتصال هاء ضمير تعود على غير المصدر وهو الباب، والباب ليس بمصدر، هذا جثة، إذاً: أغلقته؛ تقول: هذا مفعول به، لأنه اتصل به ضمير يعود على الباب والباب ليس مصدراً، واحترز بهاء غير المصدر من هاء المصدر، هاء المصدر هذه تتصل باللازم وبالفعل المتعدي.

الضرب ضربته زيداً والخروج خرجه زيد؛ اتصلت به هذا وذاك، الضرب ضربته زيداً، الضرب المعهود بيني وبينك، ضربته زيداً، والخروج خرجه زيد، أيضاً قد يكون (أل) هنا للعهد، اتصلت (هاء) التي تعود على المصدر بالفعل اللازم وهو خرج كما أنها اتصلت بالفعل المتعدي.

وما كان مشتركاً بين نوعين متقابلين لا يصلح علامة لتمييز أحدهما عن الآخر كما ذكرناه في علامات الاسم والفعل والحرف، فما كان علامة للاسم لا بد أنه لا يدخل على الفعل، وما كان علامة للفعل لا يمكن أن يدخل على الاسم، إذ لو دخل عليهما لما صح أن يسمى علامة، هنا هاء غير المصدر علامة على أن الفعل متعدي، إذاً: لا يمكن أن تدخل على اللازم، لو دخلت عليه ما صح أن تسمى علامة.

إذاً: احترز بـ (هاء) غير المصدر من (هاء) المصدر؛ فإنها تتصل بالفعل المتعدي واللازم، فلا تدل على تعدي الفعل، فمثال المتصل المتعدي: الضرب ضربته زيداً، ضربته هذا نائب عن المفعول المطلق في محل نصب وليس مفعولاً به؛ لأنه كأنه يقال: ضربت زيداً ضرباً، ضرباً هذا تقدم واتصل به ضمير يعود عليه، فكأنه ناب عن المفعول المطلق، ولا تقل: مفعول به، أي: ضربت الضرب زيداً، ومثال المتصل باللازم: القيام قمته، قمته الضمير هنا عاد على القيام، قام زيد هذا لازم، اتصل به هنا الضمير (هاء) لكنها ليست (هاء) غير المصدر؛ لأنها تعود على المصدر وهو القيام، القيام قمته أي: قمت القيام.

أما (هاء) الظرف فهذه تتصل بالمتعدي واللازم، الليل قمته، قمته الضمير هنا يعود على الليل، إذاً صار ظرفاً، والنهار صمته، ولم يذكرها المصنف؛ لأن اتصال ضمير الظرف بالفعل إنما على سبيل التوسع في حذف حرف الجر، والأصل: الليلَ قمت فيه، -الحذف والإيصال-، الليلَ قمت فيه والنهارَ صمت فيه، فيكون من باب الحذف والإيصال.