كذلك قيل:(هاء) السكت هذه تتصل بالقسمين: الفعل اللازم والمتعدي، حينئذٍ نقول:(الهاء) كم نوع؟ هاء المصدر، هاء الظرف، هاء السكت، هاء غير ما ذكر من الثلاثة، أَيُّ أنواع الهاءات علامة على كون الفعل متعدي؟ الرابع، ألا تكون هاء الظرف ولا هاء السكت ولا هاء المصدر بل تكون هاء غير ما ذكر من الثلاثة، وإنما لم يذكر المصنف هاء الظرف والثانية هذه لقلتها، ولأنها على الحذف والإيصال، فلا يرد عليها قوله:
تَصِلْ: أي ولو بحسب الأصل، فلا يرد على عكس التعريف الأفعال اللازمة للبناء للمفعول؛ لأنها صالحة لذلك بحسب الأصل، ضُرِب زيد، ضرب، لو أردنا أن نحكم عليه هل هو متعدي أو لازم؟
نقول: هو باعتبار الأصل قابل لهاء غير المصدر، وهنا ضُرِب عند البصريين فرع ضَرَب فَعَل، خلافاً للكوفيين، الكوفيون عندهم ضُرِب هذا أصل مستقل بنفسه، وعند البصريين وهو الأصح أن فُعِل فرع فَعَل، فضُرِب عند الكوفيين وضع مرتين، ضَرَب على وزن فَعَل مبني للمعلوم، ووضع مرة ثانية فُعِل ضُرِب، حينئذٍ لا نقول: يضم أوله ويكسر ما قبل آخره .. الخ، هذا ينبني على القول بأن المبني للمجهول -إن صح التعبير-، فرع الأصل -المبني للمعلوم، وإن قيل: كل منهما أصل حينئذٍ لا ترد المسألة، فضُرِب فرع ضَرَب، ودائماً التقعيد والتأصيل إنما يتعلق بالأصول لا بالفروع، فتقول: ضُرِب أصله ضَرَب، إذاً: يتصل بها غير مصدر، وأما ضُرب نفسه لا تحكم عليه، وإنما تحكم على أصله، فتقول: زيد ضربه عمرو اتصل به هاء غير مصدر، إذاً: هو متعدي، أما ضُرِب زيد؛ هذا لا ينصب هنا، لا يتعدى إلى مفعول به، لأن زيد كان مفعولاً به، وحينئذٍ الحكم على الأصل لا على الفرع. التقعيد والتأصيل إنما يكون على الأصول لا على الفروع، وضُرِب هذا فرع.
إذاً: أَنْ تَصِلْ هَا غَيْرِ: أن تصل أنت، أن تصل به.
هَا غَيْرِ مَصْدَرٍ: أي: ولو بحسب الأصل، -الوضع يعني-، فلا يرد على عكس التعريف، الأفعال اللازمة للبناء للمفعول، لأنه صار لازماً غير متعدي، ضُرِب زيد، لأنها صالحة لذلك بحسب الأصل، فهي متعدية، واستعمالها لازمة للبناء للمفعول عارض بعد الوضع، فلا يقال: بأن ضُرِب زيدٌ لازم؛ لأنه لم ينصب مفعولاً به، نقول: لا، هو باعتبار الأصل متعد لقبوله علامة هاء غير المصدر، والمراد: أن تصل من غير توسع بحذف الجار، فلا يرد على طرد التعريف الليلةَ قمتها، والنهارَ صمته والدار دخلتها؛ لأنه على الحذف والإيصال. الليل قمت فيه، والدار دخلت فيها، حذف الجار واتصل الضمير بما قبله.