كان الجهل بحقائق الدين يضرب بأطنابه في جنبات الأمة، وكان من المستغرب أن يتم الحديث عن شمول الإسلام، وأنه صالح لكل زمان ومكان، وأنه يتناول مظاهر الحياة جميعًا ... ثم ظهرت الصحوة الإسلامية وانتشرت الأفكار الصحيحة حول الإسلام، وتناقلتها الكتب والمحاضرات، وبدأت أفهام الناس تتغير حول طبيعة الدين ... كل هذا قد تم خلال القرن الرابع عشر الهجري (القرن العشرين) خاصة في نصفه الأخير ...
إلا أنه في السنوات القليلة الماضية، ومع انتشار الفضائيات والشبكة العنكبوتية ازداد الأمر وضوحًا، وتصححت مفاهيم كثيرة في أذهان الناس، وإن أردت دليلاً على ذلك فاجلس مع أي مجموعة تقابلك من جيرانك أو أقاربك أو زملائك, وافتح باب النقاش حول موضوع من الموضوعات المطروحة على الساحة مثل سبب تخلف الأمة، أو خطورة دور اليهود، أو الأمراض الاجتماعية المنتشرة في مجتمعنا، ستسمع بلا شك كلامًا رائعًا، وحلولاً جيدة ...
إذن فما هي مشكلتنا؟
المشكلة أن هذا الفهم الجيد لقضايا الأمة لا يتفق في الغالب مع سلوك هؤلاء الأفراد الذين يتحدثون ويشخصون مكامن الداء، فالقول في وادٍ والعمل في وادٍ آخر، والفجوة واضحة بين العلم والعمل، والفكر والسلوك، والفهم والتطبيق ... ولا يُخطئ من يقول بأن الكم الهائل من برامج الإصلاح التي تُقدَّم للأمة عبر الفضائيات وغيرها من وسائل الإعلام المختلفة تكفي لصلاح الأجيال حتى قيام الساعة ..
إذن فالمشكلة الآن ليست في التوجيهات أو النصائح ... المشكلة في التطبيق لهذه الأمور ...
الكثير يعلم مواصفات الزوج الناجح، أو الأب الناجح، أو الجار الناجح، لكنه لا يستطيع أن يكون كذلك، وصدق من قال:
غاض الوفاء وفاض الغدر واتسعت ... مسافة الخُلف بين القول والعمل
فما السبب؟!
السبب أن الفرد يسمع التوجيهات ويتمنى تنفيذها لكنه لا يجد قوة تدفعه لتطبيقها ..
هو مقتنع تمام الاقتناع بما يسمع، لكنه لا ينفذ، وكأن شيئًا داخليًا يثبطه ويقعده ... وإذا ما وجد همة وعزيمة في لحظة ما للتطبيق، فإنه قد يفتقد تلك العزيمة والهمة في لحظات أخرى كثيرة، بل في سائر حياته.