للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لسنا كبقية الأمم

[تمهيد]

نهض الغرب في القرون الأخيرة نهضة واسعة، وتسابق أبناؤه في كشف مكنونات الأرض وحسن الانتفاع بها، فاستجابت الأرض لهم، وأعطتهم بعض أسرارها، فتفوقوا على غيرهم وامتلكوا مفاتيح التقدم والثروة

وفي المقابل نجد أن أمة الإسلام قد خيم عليها الجهل والظلام والتخلف, وانتقلت تدريجيًا من مصاف الأمم المتقدمة إلى مؤخرتها.

أصبحت أمتنا أضعف الأمم، وباتت مطمعًا للجميع, حتى اليهود الذين كتب الله عليهم الذلة والمسكنة قد استأسدوا علينا وسامونا سوء العذاب.

هذا الوضع المرير حدا بالكثير من أبناء الأمة بالمناداة بضرورة التركيز على الأسباب المادية، والسعي في نفس الاتجاه الذي سلكه الغرب كي نصل إلى ما وصلوا إليه، فهل هذا التصور فقط يصلح لكي يكون سبيلاً لنهضة الأمة الإسلامية؟

[الوضع الخاص بأمة الإسلام]

إن كان الغرب بسعيه في الأرض واستفادته من خيراتها المتاحة للجميع قد نجح في امتلاك زمام التقدم والحضارة, فإن هذا لا يعني أن نسير مثلهم في نفس الطريق، ونعطي ذلك الأولوية المطلقة، وذلك لجملة من الأسباب:

أولاً: إن الله تعالى قد اختص الأمة الإسلامية بنعمة عظيمة, لم يختص بها أمة معها على وجه الأرض ألا وهي رسالة الإسلام التي تُعد بمثابة رسالة هداية للبشرية جمعاء {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة:١٤٣].

هذه المزية العظيمة التي تجعل من أمتنا خير أمة أخرجت للناس، وتضعها على رأس الأمم الأخرى، مرتبطة بمدى تمثل الرسالة في الأمة، وبمدى تبليغها إياها لسائر الناس، فإن لم تفعل ذلك عاقبها الله عز وجل بعقوبات كثيرة كي تفيق من سباتها وتقوم بواجبها، وسيستمر العقاب طالما استمر الإعراض عن القيام بذلك الواجب، وهذا هو التشخيص الحقيقي لواقعنا المرير.

<<  <   >  >>