للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه العناصر يمكن دراستها من خلال كتاب العودة إلى القرآن، مع إضافة كل ما يخدمها من الكتب الأخرى، والتي تم التنويه إلى بعضها في الصفحات السابقة عند الحديث عن التوعية.

ثانيًا: مداومة تلاوة القرآن:

والنقطة الثانية من نقاط برنامج إعداد معلمي القرآن, هي مداومة تلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار.

فأهم عامل يؤهل الفرد لكي يكون من أهل القرآن الحقيقيين هو لقاؤه المباشر والطويل مع القرآن بصفة دائمة، وبالطريقة التي طالبنا الله بها (تدبرًا وترتيلاً) وباتباع هدي محمد صلى الله عليه وسلم في قراءته.

لابد أن يتعود الفرد في خلال هذه الدورة على كثرة قراءة القرآن حتى يصل لمرحلة عدم الصبر عنه، وأن يصبح وقت لقائه به أحب الأوقات إليه، وهذا لن يتم إلا إذا ذاق حلاوته، ودخل إلى دائرة تأثير معجزته، وشاهد آثارها في ذاته بانشراح في صدره، وشعور بالسلام الداخلي والطمأنينة، وبتولد الطاقة والقوة الروحية التي تدفعه دومًا إلى التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله.

وهذا بلا شك يحتاج إلى دوام متابعة وتعاهد من القائم على الدورة، وأن يتأكد من قيام الأفراد بالأخذ بالوسائل المعينة على الفهم والتأثر.

ولنعلم جميعًا أن محور دورة معلمي القرآن، بل والنجاح في إقامة المركز القرآني النموذجي متوقف - بإذن الله - على النجاح في هذه النقطة، فعلى سبيل المثال: حفظ الآيات (النقطة الرابعة التي ستأتي لاحقًا) , والعمل بما تدل عليه, يتوقف على وجود قوة دافعة تتولد داخل الفرد وتدفعه للعمل بتلقائية، فإن لم توجد تلك القوة تحول الأمر إلى حفظ باللسان فقط.

والمصدر الذي لا بديل عنه لتوليد تلك القوة هو المداومة على قراءة القرآن ليلاً ونهارًا.

ثالثًا: بناء الإيمان من خلال القرآن:

القرآن أفضل وسيلة لبناء الإيمان، وهو خير كتاب يؤسس العقيدة الصحيحة الصافية في النفس والتي تثمر بدورها سلوكًا في واقع الحياة، لذلك فمن الضروري أن تقوم هذه المراكز بتعليم الإيمان وذلك من خلال القرآن, كما كان يقول الصحابة رضوان الله عليهم: «فتعلمنا العلم والإيمان معًا».

فالإيمان ليس شيئًا نظريًا، أو قواعد تُحشى بها العقول، بل هو حقائق تشكل جزءًا من يقين الإنسان، وتتشابك مع مشاعره، فالمعرفة وحدها لا تكفي لإقامة صرح الإيمان وتأسيس قاعدته في القلب، بل لابد من التأثر والانفعال مع هذه المعرفة بصورة مستمرة، وهذا ما يقوم القرآن بفعله بسهولة ويسر.

لقد كان القرآن في السابق ومع الأجيال الأولى هو الوسيلة الأساسية لبناء العقيدة الصحيحة الصافية عند المسلم، ولكن بمرور الوقت، وابتعاد الأجيال اللاحقة عن القيمة الحقيقية للقرآن، وهجر الانتفاع به، تحولت العقيدة إلى كلام نظري تمتلئ به الكتب ما بين قواعد وأصول وشروح وحواش ومختصرات، مما أدى إلى تضخيم الجانب المعرفي دون أن يصاحب ذلك إيمان حي في القلب، فكانت النتيجة ابتعاد الواقع عن الواجب والعمل عن العلم.

وكما ورد في الأثر ... العلم علمان: علم في القلب؛ فذاك العلم النافع، وعلم على اللسان؛ فذاك حجة الله على ابن آدم.

من هنا اشتدت الحاجة إلى العودة مرة أخرى إلى القرآن, لتعلم الإيمان وبناء العقيدة التي تجمع بين اليقين العقلي والإيمان القلبي، ويظهر أثرها في السلوك العملي بالاستقامة على أمر الله.

ومن الوسائل المعينة على ذلك تتبع معنى من المعاني الإيمانية خلال رحلتنا مع تلاوة القرآن كوسيلة سهلة ومتدرجة لبناء العقيدة الصحيحة ..

<<  <   >  >>