للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فما هو هذا المصدر الفريد الذي يجمع بين هذا كله؟!

[نحتاج إلى معجزة]

لو نظرنا إلى المواصفات التي ينبغي أن تتوافر في المصدر المطلوب لتوليد القوة الروحية لوجدناها مواصفات غير عادية، وقد يتجه التفكير إلى أن هذا المصدر شيء خارق لا يمكن وجوده، فهو أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع ...

نعم، لا يوجد مصدر لديه القدرة على القيام بهذا الدور الخطير إلا إذا كان شيئًا معجزًا، خارقًا للعادة، ذا قوة تأثيرية جبارة ومستمرة ..

نعم، أخي القارئ نحتاج إلى معجزة تقوم بهذا الدور، فأين تلك المعجزة؟

لنفكر سويًا في الأمر ... فالأمة لن ينصلح حالها إلا بصلاح أفرادها وعودتهم إلى الله، وصلاح الأفراد مرتبط بوجود دافع ذاتي يدفعهم لفعل ما يكلفون به من توجيهات وتوصيات ليصبح العمل قرينًا للعلم، والدافع الذاتي يحتاج إلى مصدر لتوليده باستمرار، ذلك المصدر ينبغي أن يسع الجميع وألا يختلف عليه اثنان و ...

فهل سيتركنا الله هكذا دون هذا المصدر أو تلك المعجزة؟

هل سيتركنا الله هكذا وهو الودود الرحيم الذي يريد لنا الخير؟ {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:٤٣].

يقينًا أنه سبحانه ما كان ليترك عباده هكذا يتخبطون ويدورون بلا فائدة حول أنفسهم، وقد كتب على نفسه الرحمة، وأعلمنا أنه رءوف، رحيم، ودود، كريم ...

من المؤكد أنه سبحانه وتعالى لن يحرمنا من تلك المعجزة التي ستؤدي هذا العمل المطلوب وتتوافر فيها المواصفات المشار إليها آنفًا وغيرها وغيرها ...

فأين هي هذه المعجزة؟ وهل هي موجودة بالفعل أم علينا أن نتحرق شوقًا لقدومها؟

[إنه القرآن العظيم]

لو فكرنا سويًا في هذا الأمر، وتذكرنا فضل الله الدائم على عباده، لوجدنا أنفسنا أمام حقيقة واضحة وهي أنه لابد وأن تكون هذه المعجزة موجودة بيننا بالفعل.

نعم ... قد تكون كذلك لكننا لا نعرفها أو لا ندرك قيمتها, ولا نتعامل معها على حقيقتها ولكنها بالتأكيد موجودة ... فما هي تلك المعجزة؟!

لو تفكرنا في المعجزات السابقة لوجدناها مرتبطة بزمان محدد، أو بحالة محددة، أو بشخص محدد كعصا موسى، وناقة صالح، وإحياء عيسى للموتى بإذن الله.

كل هذه المعجزات مرتبطة بأصحابها من الرسل، إلا معجزة واحدة اختص الله بها أمتنا الإسلامية، فلم يجعلها سبحانه وتعالى تخص زمانًا بعينه أو ترتبط بشخص الرسول ثم تنتهي بوفاته، بل جعلها صالحة لكل زمان ومكان حتى قيام الساعة ... ألا وهي القرآن العظيم ... وقد تكفل -سبحانه- بحفظه من التحريف والتبديل لتستمر معجزته في القيام بدورها الخطير في تغيير الأفراد، وبث الروح فيهم، وتوليد القوة الروحية والدافع الذاتي داخلهم باستمرار في أي زمان ومكان {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى:٥٢].

تعرف بنفسك على المعجزة:

لعلك أخي القارئ متعجب بأن ما نبحث عنه موجود بيننا ...

لعل الأفكار تراودك من بساطة هذا الحل وسهولته وقربه منا ..

نعم، لك بعض العذر في ذلك، كيف لا وقد هجرنا هذه المعجزة، وورثنا تعاملاً خاطئًا معها جعلنا نحصرها في أذهاننا داخل نطاق التقديس الشكلي فقط، مما حرمنا الانتفاع بها، لذلك أدعوك - أخي - إلى أن تبحث في القرآن عن الآيات التي تتحدث عن القرآن وتسجلها بقلمك ثم تنظر إليها بعد ذلك، وتُخرج منها مواصفات وقوة تأثير ومجالات عمل هذا الكتاب ...

<<  <   >  >>