(٢) يقول د. دراز: فإذا ما اقتربت بأذنك قليلًا قليلًا، فطرقت سمعك جواهر حروفه خارجة من مخارجها الصحيحة. فاجأتك منه لذة أخرى في نظم تلك الحروف ورصفها وترتيب أوضاعها فيما بينها: هذا ينقر، وذاك يصفر، وثالث يهمس، ورابع يجهر، وآخر ينزلق عليه النَفَس، وآخر يحتبس عنده النفس. وهلمَّ جرًّا، فترى الجمال اللغوي ماثلًا أمامك في مجموعة مختلفة مؤتلفة: لا كركرة (إعادة الشيء مرة بعد مرة) ولا ثرثرة، ولا رخاوة (استرخاء ولين) ولا معاظلة (تعقيد الكلام) ولا تناكر ولا تنافر (تنافر بين الحروف) وهكذا ترى كلامًا ليس بالحضري الفاتر ولا بالبدوي الخشن، بل تراه وقد امتزجت فيه جزالة البداوة وفخامتها برقة الحضر وسلاستها، وقُدّر فيه الأمر تقديرًا أن لا يبغي بعضها على بعض ... النبأ العظيم ١٣٢ - ١٣٣.