للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلقد دعا القرآن الناس إلى قياس الغيب على ما يشاهدونه، ومن ذلك إحياء الأرض البور.

فنحن نشاهد الأرض البور الجرداء والتي لا أثر للزرع فيها، نجدها وقد أصبحت مخضرة بالزرع بعد نزول المطر عليها {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت:٣٩].

- وكذلك الاستدلال على إمكانية ومعقولية البعث بخلق الإنسان من العدم {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ - قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:٧٨،٧٩].

- والاستدلال بالنوم - كموتة صغرى- على الموتة الكبرى، وبالاستيقاظ على البعث {اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر:٤٢].

٣ - إثبات القدرة المطلقة لله عز وجل:

ولقد أفاض القرآن في إثبات القدرة المطلقة لله عز وجل، ومن ثمَّ تصبح إعادته للحياة بعد الموت شيئًا يسيرًا عليه {الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِّنْهُ تُوقِدُونَ - أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ - إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ - فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: ٨٠ - ٨٣].

٤ - حدوث آيات تشبه البعث، أخبر عنها القرآن وأثبتها التاريخ:

ومن ذلك قصة أهل الكهف الذين ظلوا نائمين ثلاثمائة عام ثم بعثهم الله، وقد تغير كل ما حولهم، بينما بقيت أجسادهم كما هي لتشهد على قدرة الله سبحانه {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا} [الكهف:٢١].

٥ - الوعد الحق:

أخبرنا القرآن في مواضع كثيرة بوعود وعدها الله عز وجل في الماضي وحدثت بالفعل، وأخبر كذلك بوعده سبحانه بيوم الحساب ومجازاة المحسنين بالجنة، والمسيئين بالنار .. فإن كان كل ما وعد به قد تحقق في وقته وكما وعد، فمن المؤكد أيضًا أن وعده بالجزاء سيتحقق {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ} [التوبة:١١١].

فعلى سبيل المثال: أوحى الله عز وجل إلى أم موسى أن تلقي موسى -عليه السلام- في اليم، ووعدها بأنه سيرده إليها {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:٧].

وأوفى الله سبحانه وتعالى بوعده {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [القصص:١٣].

ووعد سبحانه وتعالى بنصر الروم على الفرس فانتصروا، ووعد رسوله صلى الله عليه وسلم بالعودة إلى مكة مرة أخرى بعد أن أخرجه منها قومه، فوفى بوعده، ووعد سبحانه بحفظ القرآن من التحريف فوفى بوعده، ووعد سبحانه في مواضع كثيرة من القرآن بالبعث {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء:٩٧] , وسيوفي الله بوعده.

<<  <   >  >>