للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى - وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}

من هو الإنسان؟!: لديه قابلية للعطاء والتقوى والتصديق بالمعاد ... التقوى هي اللجام الذي يلجم به نفسه، وهي الدافع الذي يدفعه للإنفاق.

السنن الاجتماعية: هنا سنة مكتملة: فالعطاء والتقوى والتصديق أسباب ومقدمات لتيسير الأمور، وأنه سبحانه ينتظر من عباده قيامهم بهذه الأشياء لييسر لهم أمورهم، فهو الحي القيوم سريع الحساب.

{وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى - وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}

من هو الإنسان؟!: الإنسان عندما يترك نفسه بدون تزكية، فإن لديه القابلية للبخل والاستغناء عن الله والتكذيب بالمعاد.

السنن الاجتماعية: هذا الإنسان بأفعاله ينطبق عليه قوانين المنع والتعسير، والله عز وجل لا يظلم الناس شيئًا ولكن الناس هم الذين يظلمون أنفسهم ... فالإنسان هو الإنسان, يمكنه أن يعيش في سعادة وتيسير إذا ما ألجم نفسه بالتقوى وأنفق من ماله، ويمكنه أن يعيش في ضنك وتعسير إذا ما أطلق الزمام لنفسه وسار وراء هواها وظن أن بمقدوره الاستغناء عن الله.

من هو الله؟: هو مدبر الأمور، بيده مقاليد كل شيء، وبيده تيسير الأمور -أي أمور- إن شاء جعل الحَزن (المكان المرتفع)، سهلاً منبسطًا هينًا.

وتيسير العسير لديه يسير، وهو العدل يجازي بالإحسان إحسانًا، ويزيد عليه منة وغفرانًا وتيسيرًا وإكرامًا.

وكذلك بيده أن يعاقب البخلاء فيُعسِّر أمورهم ويضيق عليهم، حتى يعودوا إليه ويطرقوا بابه ... وهو سبحانه إذ يبين لنا حال الفريقين ينبهنا – رحمة بنا وحبًا لنا – إلى ما فيه الخير والصلاح لنا ... فالآيات تحمل لنا رسالة تقول: أنفقوا وتصدقوا – من رزقي ومالي – أُيسِّر لكم أموركم وأسهلها لكم وأوسع عليكم، ولا تبخلوا فأعاقبكم بالتضييق والتعسير، فالبداية منكم.

- من المناسب هنا أن يتم عرض نماذج قصصية للتيسير الإلهي للمنفق، وكذلك التعسير للبخيل: كقصة الرجل الذي سمع صوتًا في سحابة يأمرها بالإمطار على أرض فلان، وتتحرك السحابة إلى مكان ما وتمطر فيه .. وكان ذلك بسبب دوام وكثرة إنفاق صاحب الأرض.

- وكذلك ضرب نماذج لإنفاق الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة وعلى رأسهم أبو بكر الصديق ...

{وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى}

من هو الإنسان؟: ضعيف، مسكين، قليل الحيلة، ضيق الأفق، فهو يظن أن أمواله تنفعه، أو تصرف عنه الأذى والهم، فتراه يهلك نفسه في جمع المال وكنزه، بينما يكتشف الحقيقة المرة يوم القيامة وأنها لا تغني عنه شيئًا إذا ما وقع في النار وتردى فيها، فهيهات أن ينجيه ماله ..

ونموذج طغيان المال يتمثل في صاحب الجنتين، وقارون، فهل نفعهما المال؟!

{إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}

من هو الله؟!: الله سبحانه هو الهادي، هو الذي يبين لعباده – بفضله وكرمه – طريق الخير والهدى الذي يوصل إلى جنته ورضوانه.

والآية تؤكد وتجزم بأن الهداية من عند الله وحده، ومع ذلك فلابد أن نوقن بأن الله عز وجل يهدي مَن عنده رغبة في الهداية، ويريدها ويبحث عنها (البداية من العبد).

أما من لا يريدها ولا يبحث عنها فما أبعد الهداية عنه {فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ}.

- وحبذا لو تم عرض قصة فرعون والسحرة؛ فقد رأوا جميعًا الآيات وانقلاب العصا إلى حية عظيمة، فكانت النتيجة إيمان السحرة، وكفر فرعون، فالسحرة رأوا آية تدل على الله، فرغبوا في الله فهداهم، وفرعون رأى آية تدل على الله فخاف على ملكه وسلطانه واستغنى عن الله، فتركه الله لضلاله وكفره.

{وَإِنَّ لَنَا لَلآَخِرَةَ وَالأُولَى}

<<  <   >  >>