كان هولاكو واقفاً أمام الدولة الإسلامية، ولذلك كان مجال العمل الرئيسي له البلاد الإسلامية، ومعظم الدماء التي أسالها كانت دماء إسلامية، ومعظم الآلام التي زرعها في قلوب البشر كانت آلاماً في قلوب المسلمين، وكأن الحقد الذي كان في قلبه لم يكن كافياً على الأمة الإسلامية، فتزوج هولاكو من امرأة اسمها طقز خاتون، وكانت نصرانية شديدة الحقد على المسلمين، فاجتمع الحقد التتري مع الحقد الصليبي في مواجهة الخلافة العباسية والشام وما بعدها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومنذ تسلم هولاكو قيادة القطاع الغربي من الدولة التترية وتمركز في فارس بدأ يعد العدة لإسقاط الخلافة العباسية، وبكل أمانة فقد كان إعداده لإسقاط الخلافة العباسية إعداداً مبهراً وعظيماً، وكان رد فعل المسلمين لهذا الإعداد المبهر والعظيم تافهاً وحقيراً جداً، والله عز وجل له سنن لا تتبدل ولا تتغير، منها: أن الذي يأخذ بأسباب النصر من أهل الدنيا يعطيه الله عز وجل إياه وإن كان كافراً، والذي يتخلى عن أسبابه لابد أن ينهزم وإن كان مسلماً، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ}[هود:١٥].
فـ هولاكو أعد إعداداً جيداً فلم يبخس أبداً، فمنذ استلم القيادة في غرب الدولة التترية سنة ٦٤٩ ومع حقده الشديد ورغبته الملحة في تدمير الخلافة الإسلامية واشتياقه الكامل لكنوز العباسيين وكثرة جنوده وتفوقه العسكري الظاهر إلا أنه برغم كل هذا لم يتسرع، ولم يدخل مباشرة، وبدأ يعد العدة في صبر مدة خمس سنوات كاملة من سنة ٦٤٩ إلى سنة ٦٥٤ في نشاط، مع أنه سيقابل خصماً ضعيفاً جداً في ذلك الوقت.
وهذا الإعداد في معظمه كان يتم علناً على مرأى ومسمع من المسلمين وغيرهم، والتاريخ يتكرر، ودول المسلمين الآن تحتل على مرأى ومسمع العالم، ويكتب عنها على صفحات الجرائد والانترنت، وتنشر عبر القنوات عن خطواته في الإعداد للغزو، ومع ذلك لا يتحرك أحد.