وقد اشتغل هولاكو في أربعة محاور رئيسة: المحور الأول: الاهتمام بالبنية التحتية، وتجهيز مسرح العمليات الذي سيتم فيه القتال؛ ليضمن بذلك استمرارية وسيولة الإمداد والتموين من الصين إلى بغداد، ومن أجل ذلك عمل الآتي: ١ - بدأ في إصلاح كافة الطرق من الصين إلى العراق وتهيئتها لاستيعاب الأعداد الهائلة من الجيوش التترية، مع المسافات الرهيبة الطويلة والطبيعة الجبلية القاسية لمنطقة طاجاكستان وأفغانستان وفارس والموانع الطبيعية الكثيرة في هذه المنطقة.
٢ - أقام الجسور الكثيرة والكبيرة على كل الأنهار في المنطقة وبالذات نهري سيحون وجيحون، ووضع قوات تترية كافية لحماية هذه الجسور، وضمان استمرار عمليات الإمداد والتموين.
٣ - جهز مجموعة ضخمة جداً من الناقلات العملاقة لنقل أدوات الحصار الضخمة من الصين إلى بغداد.
٤ - كل مدينة أو مركز يتحكم في محاور الطرق من الصين إلى بغداد وضع عليه قوات إضافية؛ حتى لا تباغت ظهور القوات التترية المتجهة من الصين إلى العراق.
٥ - قام بشيء عجيب وفيه ذكاء شديد، فقد أخلى كل الطرق من الصين إلى بغداد من الماشية، سواء كانت ماشية برية أو مملوكة للسكان؛ وذلك حتى تنمو الحشائش والأعشاب؛ لتكون طعاماً كافياً للأعداد الهائلة جداً من الخيول الخاصة بالفرسان والدواب المكلفة بحمل العتاد الحربي والغذاء والخيام وما إلى ذلك، وبذلك لم يكن بحاجة لأن يحمل معه طعاماً للحيوانات، ولو تعرض لمفاجأة غياب طعام الحيوانات فقد تتعطل الحرب كلها، فالطعام بالنسبة للحيوانات مثل الوقود بالنسبة للسيارات، بل أشد، فالسيارة بإمكانها انتظار الوقود وأما الحيوان فلا يستطيع الصبر على الجوع، وبهذا الإعداد استطاع هولاكو أن يجعل الأرض ممهدة تماماً لاستقبال الأعداد الهائلة من الجيوش التترية من كل مكان من أجل تجميعها لغزو العراق.
وهذا الكلام الذي نقوله بسهولة وبسرعة يأخذ عدة سنين، فإصلاح الطرق وإقامة الكباري وإخلاء الطرق من الماشية مجهود ضخم جداً.