تعيين هولاكو لمؤيد الدين العلقمي حاكماً على بغداد ثم ولده من بعده
ثم أصدر أيضاً هولاكو قراراً جديداً بتعيين مؤيد الدين العلقمي الشيعي رئيساً على مجلس الحكم المعين من قبل التتار، على أن توضع عليه وصاية تترية، فلم يكن مؤيد الدين إلا صورة للحاكم فقط، وكانت القيادة الفعلية للتتار، بل إن الأمر تزايد بعد ذلك، حتى وصل إلى الإهانة المباشرة للرئيس الجديد مؤيد الدين العلقمي، ولم تكن هذه الإهانة تأتي من قبل هولاكو بل من صغار الجند في جيش التتار؛ لأنهم يريدون أن يحطموا نفسيته حتى لا يشعر بقوته، ولا يظن أنه رئيس فعلاً، بل يظل تابعاً للتتار في منتهى الذلة.
وهكذا من باع دينه ووطنه ونفسه، فإنه يصبح بلا ثمن حتى عند الأعداء، فالعميل عند الأعداء ليس له أي قيمة، ولم يعش الوزير الخائن بعد أن تولى الحكم إلا أياماً قليلة في ذل ومهانة، ثم مات في بيته، ولم يستمتع بحكم ولا ملك ولا خيانة؛ ليكون عبرة بعد ذلك لكل خائن، {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}[هود:١٠٢].
ثم ولى التتار ابن مؤيد الدين العلقمي على بغداد، وكان الابن قد ورث الخيانة من أبيه، ولكن هذا المنصب أصبح شؤماً على من يتولاه، فقد مات الابن الخائن الجديد الشاب الصغير في نفس السنة التي سقطت فيها بغداد سنة (٦٥٦) من الهجرة.
ولا عجب فمن تمسك بهذه الدنيا أهلكته، فقد تمسك بها الخليفة فهلك، ثم الوزير الخائن فهلك، ثم ابن الوزير فهلك، وتمسك بها شعب بغداد فهلك، وهذه سنة ماضية.