للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الشيخ: ما وفى حقه، فإنه يقول: حتى رجعوا بحر غيظٍ لو كان ذلك الحرُّ في قلب هاجرة لذاب صخرها، وما صبر عليه. وأراد بقلب الهاجرة: وسطها، وهو أشد حراً من طرفيها، وما هو كما قال: وجعل للهاجرة قلباً لما ذكر قلوبهم، لأن له معنى مفيداً، وكما أن

مكان الغيظ من الإنسان قلبه كذلك مكان أشد الحر من الهاجرة قلبها ووسطها.

(بقَيتْ جموعُهمُ كأنَّك كلُّها ... وبقيتَ بينهُمُ كأنَّك مُفرَدُ)

قال أبو الفتح: أي كنت وحدك مثلهم كلهم، لأن أبصارهم لا تقع إلا عليك، فشغلت وحدك أعينهم، فقمت مقام الجماعة، وقوله: مفرد، أي: نظير لك فيهم، فكأنه لا أحد معك منهم.

قال الشيخ: عندي أنه يقول: بقيت جموعهم حيارى حواليك خوفاً وغيظاً وحسداً وكمداً كأنهم أشباح ما لها أرواح، كأنك كلها، لأن إمارات الحياة لم تكن إلا معك ولك. وبقيت كأنك مفرد بينهم، لأنك كنت الحي فيهم، وهم كالأموات بهذه الصفات، ولا يكون هو مثلهم، لأن أبصارهم لا تقع إلا عليه، وبأن يشغل هو وحده أعينهم، لا يقوم مقام الجماعة، وبأن لا يكون نظير له فيهم لا ينبغي كون أحد معه منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>