(فإمَّا تريْني لا أُقيمُ ببلدةٍ ... فآفةُ غِمدي في دُلوقِيَ منْ حدِّي)
قال أبو الفتح: الدُّلوق سرعة انسلال السيف، وسيف دلوق ودالق، إذا كان سريع السَّلَّة، أي: إن الذي ترينه من شحوبي وتغيري إنما هو لمواصلتي السير وتطواف البلاد لبعد همتي وتنائي مطلبي كما أن السيف الحاد إذا كثر سلُّه وإغماده أكل جفنه.
قال الشيخ: ما كنت أتعرض لرد اللُّغات المدخولة في هذا الكتاب غير أنه إذا رأيت ما يناقض موضوعه عليه فلابد من ذكري صحته وصوابه، وهو يقول: الدُّلوق سرعة انسلال السيف، وسيف دلوق إذا كان سريع السَّلَّة. وليس في موضوع اللغة ولا شيء من السَّل والانسلال، وإنما الدَّلق والدُّلوق خروج الشيء من مخرجه سريعاً، يُقال: دلق السيف من غمده، إذا خرج وسقط من غير أن يُسل، واندلق السيف من جفنه إذا شقه حتى يخرج منه، وتهذيب اللغة ناطق به، والرجل ليس يقول: فإما تري شحوبي وتغيُّر لوني، فإنما يقول: إما تري قلة مقامي ببلدةٍ، وما في هذا مما ذكره شيء،