وفي الحديث:(اهدوا هديَ عمَّار)، والهدى: المذهب والطريق. أبو عبيد عن الأصمعي: الهادية من كل شيء أوله وما تقدم منه، ومن هذا قيل: هوادي الخيل أعناقها، ولأول رعيلٍ تطلع منها لا المتقدمة، يُقال: هدت تهدي إذا تقدمت، وهوادٍ من هذا متقدماتٌ لأملاك الجيوش، أي: لاقتناص أنفسهم.
قال أبو الفتح: أي كما أن القطرة لا تؤثر في الغيث فكذلك سائله لا يؤثر في ما له وجوده، وكما أن الفلك لا ينثني عن أفعاله وتصرفه فكذلك هو لا يرجع عن كرمه بعذلِ عاذله، وهذا نحو قوله أيضاً:
وما ثناكَ كلامُ النَّاسِ عن غّرَضٍ ... ومن يسدُّ طريقَ العارضِ الهَطِلِ؟
قال الشيخ: فسر أول البيت فلم يصب شاكلة الرمي، وفسر آخره فأتى بالشرح الجلي، لأنه يقول: هو لا يُحوجُك إلى السؤال، بل يسرف ويفرط في النوال، فإن سأله أحد فهو كمن يسأل الغيث قطرة، وهو غامرٌ له بقطارهِ وباهرٌ إياه بانهماله عليه وانهماره، فسؤاله خطأ ومقاله خطلٌ.