للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الشيخ: شدَّ ما زلَّ تفسيره، وضلَّ تقديره، ظنَّ أن البيت صفة الخيل، وهو صفة الجيش، ولا أدري أتأمل ما قبله، فذهب عليه معناه، أو لم يتأمَّله، وفسره كما رآه، والمتنبي يصف الخيل فيما قبله، وذلك دليل على أن هذا صفة الجيش لا الخيل، فيقول:

شفنَّ لخمسٍ إلى مَن طلب ... نَ قبلَ الشُّفونِ إلى نازلِ

أي: لزم الجيش ظهور الخيل خمساً حتى أدركوا الخارجيّ بمثل هذا الركض العنيف، فنظرت الخيل إلى الخارجي المطلوب قبل نظرها إلى نازلٍ عن ظهورها، لأنهم ركبوها، ولم ينزلوا عنها حتى أدركوه، وقتلوه، فكان نظر خيلهم إليه قبل نظرها إلى نازلٍ عنها، ثم يقول: بقي النازلون عنها متسعاً ما بين أرجلهم للزومهم خمساً ظهور الخيل من التَّعب والنَّصب والإعياء، فكان كل واحد منهم كالبائل إذ تباعد ما بين رجليه حذر البول، وقد أحسن، وأجاد في هذا المعنى وهذا التشبيه كل الإحسان وكل الإجادة، والعجب من أن المفسر يقول: المستغير الذي يطلب الغارة، وهذا من صفة الجيش دون الخيل، ثم يعدل عنه إلى صفة الخيل.

(فظلَّ يخضِّبُ منها اللِّحى ... فتىً لا يُعيدُ على النَّاصلِ)

قال أبو الفتح: اللَّحى جمع لحية، ويُقال: لُحى بالضم، وهو شاذٌ قليلٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>