للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه حذف من الأول المبتدأ، ومن الثاني الخبر، لأنه مشاهد، فدلَّت الحال عليه وعلى الضمير، فإن قيل: وما في إخباره عما في مجلسه، وهو بحضرته من الفائدة؟ وهل كان يشك في ذلك، فيجوز إخباره عنه؟ قيل: إنما جاز ذلك، لأنه ثناء عليه، فيقول له: أنت شديد البُعد من الشراب، وإن كان

بين يديك ما يُحضر في أكثر الأمر للشرب، فأثنى عليه، ونفى عنه الظِّنَّة، فجرى هذا مجرى قولك للرجل الذي لا تشك في فضله وشرفه: أنت فاضل، وأنت شريف لما في ذلك من وصفه وتقريظه وذكر محاسنه.

قال الشيخ: ما أغنى هذا البيت عن كل هذا الإغراب في الإعراب وكل الإضمار والإظهار، فإن ظاهره ينبئ عن خافيه ولفظه يؤدي ما فيه. وهو يقول: ترنجُ الهند أو طلع النخيل بعيد جداً عن شرب الشَّمول وما كونهما في مجلسك دليلاً على شربك لها، وما كل مكان يكونان فيه موجب للشراب وما كون هذا وذلك في مكان موجباً له. وشديد البُعد مرفوع بالابتداء وترنجُ الهند مرفوع بالجواب، وكُفيت مؤونة طول هذا الخطاب؟

وقال في قصيدة أولها:

(لياليَّ بعدَ الظَّاعنينَ شُكولُ ... . . . . . . . . . . . . . . .)

(إذا كانَ شمُّ الرَّوْحِ أدنى إليكمُ ... فلا برحتْني روضةٌ وقّبولُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>