للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غلامٌ يشب، ومعناه، وفي بطن هنزيط وسمنين للسيوف والرماح بديلٌ عمَّن قتلن، أي: أبادت أهاليها، ودمرت من فيها، وأمَّرت عليها من يليها، وبثَّت عمَّالها في نواحيها، وأهلكت أقواماً، وأتلفت أقواماً، واستخلفت أقواماً، فهم بديل فيها للسيوف والرماح عمَّا أبادته بها من تلك الأشباح والأرواح.

(على قلبِ قسطنطين منه تعجُبْ ... وإن كان في الساقين منه كبولُ)

قال أبو الفتح: تعجبٌ لما شاهده من شجاعته، وكبولٌ لأنه أسره، وقيده.

قال الشيخ: هذا تفسير أم تحيير؟ فكلاهما في معناه عسير، فلقد أومأ إلى طرفه، وعمَّى عن طُرفه، وهذا أيضاً من أسراره في أشعاره، فإن النَّاكب أبداً يكون قبيحاً في عين المنكوب، والسالب ذميماً في نفس المسلوب حتى لا يستعظم عظائمه ولا يستكثر مكارمه، ولا يتعجب من أفعاله، وإن كانت عجيبة، ولا يستغرب جميع أعماله، وإن كانت غريبة، بل يرى أفعاله صغيرة، وإن كانت كبيرة، ولئيمة وإن كانت كريمة، فلا يعجبه شيءٌ، وأفعال سيف الدولة مجاوزة معهود الطِّباع ومعتاد البشر في جميع الأنواع حتى يتعجب منها من هو في قيوده غاية مجهوده كما قال:

ومن شرف الإقدامِ أنَّك فيهمُ ... على القتلِ موموقٌ كأنَّك شاكدُ

وإنَّ دماً أجريتَه بكَ فاخرٌ ... وإنَّ فؤاداً رعتَه لكَ حامدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>