للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(رأيتُكَ لو لم يقتضِ الطَّعنُ في العِدا ... إليكَ انقياداً لاقتضتْه الشَّمائلُ)

قال أبو الفتح: أي لو لم يطعك الناس هيبةً لأطاعوك محبة.

قال الشيخ: أظنُّه تفسير البيت الذي بعده، وليس بصوابٍ أيضاً ما ذكره، والبيت:

ومنْ لم تعلَّمهُ لكَ الذُّلَّ نفسُه ... منَ النَّاسِ طُرَّاً علَّمتهُ المَناصلُ

فإن الرجل يقول: من لم يتذلل لك من جميع الناس بنفسه ذللته لك السيوف بمسه، وشتان الحبُّ والسيف العصيب، وما أدري كيف غيَّبه، فإما البيت الأول فهو من هذا التفسير بمكان الفلك الأثير، ومعناه عندي: رأيتك لو لم يقتضِ، ولم يأتك الطَّعن في الحرب لأتيت بالطَّبع، وبيان ذلك لو لم يقتضِ الطَّعن الانقياد والانجرار إليك والمجيء نحوك، من قدت الشيء فانقاد، لاقتضت شمائلك انقياداً إليه، فانقدت في الوغى إليه وسارعت نحوه، كقوله:

فلا تبلغاه ما أقول فإنه ... شجاع متى يذكر له الطعن يشتقِ

وليس هذا الانقياد من الخضوع في شيءٍ، ولا معنى له هاهنا، ولو أراده لقال لك ولا إليك.

<<  <  ج: ص:  >  >>