عنده الجراحات المعروفة، فإنها لا تثني من غَربِه، ولا تؤثر في نفسه وقلبه، لكنها عنده نغمات سؤاله، سبقت قبل نواله، فهي التي تؤثر في نفسه، وتأخذ بمجامع قلبه، وتحرف جوانب صبره، وتهيّج من أسفه لتوقفه في النوال حتى يسبق بالسؤال، فالجراحات عنده هذه لا تلك.
(ولهُ في جماجمِ المالِ ضربٌ ... وقْعُه في جماجمِ الأبطالِ)
قال أبو الفتح: أي: يهب الأموال، فيقتدر بذلك على رؤوس الأبطال.
قال الشيخ: هذا وجه ضعيف سخيف، فما بهبة الأموال يقدر على ضرب رؤوس الأبطال، وإن أراد بذلك تفرقة أرزاق الجند فيهم ليحاربوا، فسائر أصحاب الجيوش معه شرعٌ، وليس فيه معنى مخترع. ومعناه عندي: أنه يضرب في جماجم ماله ضرباً وقُعه في جماجم الأبطال من حيث أنه يقتلهم، فيأخذ مالهم بسيوفه ثم يفرِّقه في عطاياه، وينفقه على ضيوفه، فوقع هذا الضرب إذا في جماجمهم كما يقول:
حتَّى إذا فني التُّراثُ سوى العُلا ... قصدَ العُداةَ منَ القنا بطوِالهِ
وكما يقول:
بِضَربِ هامِ الكماةِ تَمَّ له ... كسبُ الذي يكسبونَ بالملّقِ