(وإسحاقُ مأمونٌ على مَنْ أهانَه ... ولكنْ تسلَّى بالبكاءِ قليلا)
قال أبو الفتح: أي يأمنه من أهانه لسقوط نفسه، ولو قال هنا: تجمَّل بالبكاء لكان أشبه.
قال الشيخ: ليس هذا مكان التَّجمُّل، أسخن الله عين الأبعد. وما تجمل أحد في الدنيا بالبكاء، وأي جمال وتجمُّل فيه؟ وهذا هو مكان الهمِّ والحزن، إذ من يُهان يغتنم ويحزن، والمحزون يتسلى بما يمكنه، فإن أعوزته وجوه التَّسلِّي، وأعجزته طرق التَّأسي فزع إلى البكاء الذي هو عصرة الضُّعفاء وملجأ العجزة عن انتقام الأقوياء، وهو يقول: إسحاق مأمون الشر والغائلة على من أذلَّه لدناءة نفسه ولؤم أصله وسقوط قدره، ولكن استعان بالبكاء، فتسلى به قليلاً، وذاك أيضاً يسير لسوء أثر الإهانة فيه.