يقول: تمثلت أنتِ يا منازل في فؤادي، ففيه لك منازل أمثالك، سكنتها من قلبي، وأقفرت أنت من أهلك الذين كانوا فيك، وهن منك أواهل بكونك فيها ولزومك لها، يعلمن ما حل بها منك وما تعذِّبينها به من الصَّبابة إلى أهلك وتذكُّر اجتماع الشَّمل في ظلِّك ووصل الأحبة فيك، كما قال غيره:
وأذكرُ أيَّامَ الحمى ثمَّ أنثني ... على كبدي من خَشيَةٍ أن تصدَّعا
وقول الآخر:
ألا لا تذكِّرني الحمى إنَّ ذكرَهُ ... جوىً للمشوقِ المستهامِ المعذَّبِ
لأنها منازل القلب لا منازل التُّرب، وما علمت أنت شيئاً من فراق أهلك، ممَّا يعلمنه، ولا تألمين شيئاً كما يألمنه، وأولاكما بالبكاء عليه ما يعلم ما يكون به فيألم، فإذا منازلُك من قلبي أولى بالبكاء عليك منك.