والآخر أن يكون كأن مطعمه من لحوم الأعداء ومشربه من دمائهم، فهو يقحم عليهم، ويوغل في طلبهم لخمصِه ليدرك مأكله ومشربه من أعاديه.
قال الشيخ: المعنى الأول الذي شرحه هجاء بحت، والثاني مُحال محض، وذلك أن الخيل التي تحتاج إلى اغتذاء لحمها وشرب دمها مضاعة غير مُتعاهدة ولا معلوفة ولا مسقيَّة ولا مألوفة حتى إذا طالت عليها هذه الحالة عجفت وسقطت قواها، وخانت نفوسها شواها، فكأنها أكلت لحمها، وشربت دمها من حيث لم يبق لها طَرَقٌ ولا قوة، وهذا هو النهاية في اللُّؤم والخسة والحُمق والذِّلة.
والثاني أنها لا تُطعم اللحم ولا تشرب الدَّم ولا تُضمر بهما ولا تُخمَّص، وهو قد بتَّ القول به، وهو يقول: على كل طاوٍ تحت طاوٍ، وتمت هنا صفة الفارس والفرس، وذلك أن الفارس يوصف بأنه دقيق