قال أبو الفتح: يعني باليد أن سلاحه السَّيف والرُّمح وسلاح من بالشِّعب الحربة والتُّرس.
قال الشيخ: ليس كذلك، لأن الأسلحة، وإن تفنَّنت فنوناً، وتنوعت أنواعاً، فإن اليد في ممارستها واحدة، سواء كانت تعمل بالرُّمح أو بالحربة، فلا يُقال لمثلها: غريبٌ، وإنما يُقال: الغريب، لما لا يكون بينه وبين صاحبه فيه مجانسة ومؤانسة، والرجل يريد بغريب اليد: أنه كاتب، وأهل الشِّعب أُميُّون، ويدلُّك عليه قوله بعده:
ملاعبُ جِنَّةٍ لو سارَ فيها ... سُليمانُ لسارَ بترجُمانِ
أي: لِسنُهم ولغتُهم لا تُفهم، ولا تُعلم، وكذلك تكون كتابتهم فيكونون أمّيّين عنده.
(غدوْنا تنفضُ الأغصانُ فيهِ ... على أعرافِها مثلَ الجُمانِ)
قال أبو الفتح: يريد ما يقع عليها من خَلَل الأغصان من ضوء الشمس.
قال الشيخ: سبحان الله، ما الشبه بينه وبين الجُمان؟ إنما هو الطَّلُّ على الأغصان كالجُمان شكلاً وصفاءً ورقةً ولوناً، يكون متعلِّقاً من الأغصان، فإذا أصابتها حركة تساقط منه، وهذا كقول ابن الرُّومي:
والطَّلُّ مثلُ اللُّؤلؤِ المنثورِ ... من واقعٍ منها ومن محذورِ