تحمَى السُّيوفُ على أعدائهِ معهُ ... كأنَّهنَّ بنوهُ أو عشائرُهُ
فإذا جاز أن يُوصف المواتُ بأن يحمى مع صاحبه، فالحيوان الذي يعرف كثيراً من أغراض صاحبه، لأنه مؤدَّب معلَّم أحرى بأن يوصف بذلك، ولا يُنظرِها الدَّهر بعد قتلاها، يعني: إذا قتل الفارس عُقرت الخيل بعده، كما قال زياد الأعجم:
ويجوز أن يكون أراد بالخيل: أصحاب الخيل، فيقول: إذا قتل الفارس آخر لم يلبث أن يقتل بعده لكثرة المغاورة وفشوِّ الحرب وطلب الثَّأر.
قال الشيخ: أراد بالخيل: أصحاب الخيل، نعم كما قال: فأما بعد هذا فغير ما قال، لكنه يقول: يعجبُها قتلُها الكُماة، ولا يمهلُها الدَّهر بعدها، ولا يستبقيها، بل يهلكُها ويفنيها، فليس ما يعجبُها بمُمتِعها كما يقول:
وعاد في طلبِ المتروكِ تاركُهُ ... إنَّا لنغَفلُ والأيَّامُ في الطَّلبِ
وكما قال:
وتولَّوا بغصَّةٍ كلُّهم من ... هُ وإن سرَّ بعضَهم أحيانا
وكما يقول:
فما يديمُ سرورٌ ما سررتَ به ... ولا يردُّ عليكَ الفائتَ الحزَنُ