استدل أصحاب هذا التكييف بوجود الشبه بين عقدي السفتجة والحوالات المصرفية، من حيث المقصد والباعث، ومن حيث الشكل؛ وذلك يجعل الجزم بإلحاق الحوالات المصرفية بها أمراً متعيناً، وبيان ذلك من خلال النقاط التالية:
الأولى: في التحويلات المصرفية، تُخصم من حساب العميل إن كان له حساب لديه، بقصد تحويلها دون النقل المادي لها، تجنباً لأخطار حملها، وتوفيراً للوقت والجهد، فهو إذن لا يدفع قيمة المبلغ المراد تحويله، أو يطلب خصمه من حسابه على سبيل الأمانة، بل على سبيل الضمان، وذلك بإحالة خطر الطريق على المصرف.
والمعروف أن الأساس الذي بُنيت عليه السفتجة هو تجنب خطر الطريق المتوقع. وعلى ذلك فإن الغرض الذي تؤديه كل من عملية التحويل والسفتجة، هو تحويل الأموال دون النقل المادي لها، تجنباً لأخطار الطريق، وذلك عن طريق تضمين المأمور بالتحويل.
الثانية: إن المصرف أو البريد لا يسلم إلى المستفيد عين المبلغ الذي دفعه طالب التحويل، أو الذي خُصم من حسابه، بل إنه يدفع إلى المستفيد بدله؛ لأن العرف في المصارف جارٍ على أن المصرف يخلط أموال العملاء بأمواله، وكذلك الأمر في الدوائر البريدية، والمتتبع لأقوال الفقهاء يجد أنهم ينسبون الأحكام إلى القاعدة المقررة عندهم من أن (العبرة في العقود للمقاصد والمعاني، وليست للألفاظ والمباني)، فالمال إذا تُصرف فيه أو اختلط بغيره لا