للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحسبي هنا أن أذكر فحسب، وبإيجاز وتلميح فقط، الجانب الذي قد يفيد من الناحية النظرية، كمزيد من التجربة والخبرة، بعض شبابنا الملتزم.

إن مؤتمر باندونج كان قطعاً في نظر المختصين بالسياسة العالمية، أخطر ظاهرة برزت (في العالم الثالث) بعد الحرب العالمية الثانية. الظاهرة التي كانت تحمل في طياتها الصواعق والبراكين التي كان يخشى المستر جون فوستر دلاس، حتى قبره، عواقبها بالنسبة إلى كل المخططات التي رحمت من أجل تسيير العالم، كما سار خصوصاً في البلاد العربية.

ولكن، ما كان للطاقات البشرية والمادية التي تجمعت في باندونج، أن تطلق تلقائياً الصواعق وتفجر البراكين، في صورة ثورة للعالم الثالث على النظم الاقتصادية والسياسية والثفافية التي وضعت في القرن التاسع عشر لتسييره، طبقاً لمصالح عليا معينة.

يقول المفكر الفرنسي، دي بونالد، المعاصر للثورة الفرنسية، والمقاوم لها: ((إن ما صنع الثورات هو دوماً الكتاب من الإنجيل إلى الميثاق الاجتماعي)).

إذا صحت هذه النظرة في الأشياء البشرية، وإنني أعتقدها صحيحة، نقول:

إن مؤتمر باندونج سنة ١٩٥٥م، وبعده مؤتمر القاهرة سنة ١٩٥٧م، قد جمعا فعلاً كل شروط ثورة العالم الثالث، إلا شرطاً واحداً، وهو شرط إطلاق الشرارة الفكرية الضرورية لإضرامها.

بل نقول، ونحن بصدد تقديم الطبعة الثانية لهذا الكتاب: إن كل الاحتياطات قد اتخذت، داخل العالم الثالث وخارجه، حتى لا تنطلق هذه الشرارة.

ويكفينا دليلاً على صحة هذا التقرير أن نقول للقارئ الكريم: إن مؤتمر القاهرة، كان من بين تقاريره إنشاء ((جائزة أفرسيوية)) على غرار جائزة نوبل أو جائزة لينين.

<<  <   >  >>