للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أوَان المسؤولِيَّة

عندما يكون التاريخ في مفترق الطرق، يصبح اختيار الإنسان كأنه هو المقدر لكل شيء، وعندما يتم هذا الاختيار يصبح الأمر كأن الإنسان قد ضغط فعلاً بأصبعه على (زر) المصير، فحرك بذلك الأقدار، في الوقت نفسه الذي يدفع فيه تيار الأحداث العارم.

ومنذ تلك اللحظة يكون كل شيء قد قدر، وتكون السفينة قد اتجهت إلى خيرها أو شرها.

ولقد عرف التاريخ الإسلامي لحظة كهذه في معركة صفين، تلك الحادثة المؤسفة المؤثرة التي نتج عنها التذبذب في الاختيار، الاختيار الحتم بين علي ومعاوية، بين المدينة ودمشق، بين الحكم الديمقراطي الخليفي والحكم الأسري، ولقد اختار المجتمع الإسلامي في هذه النقطة الفاصلة في تاريخه الطريق الذي قاده أخيرا .. أخيراً إلى القابلية للاستعمار، وإلى الاستعمار.

ولقد وضع عام (١٩٤٥م) الدول الكبرى أمام فرصة للمساهمة في التجديد الإنساني، فترك الكبار الفرصة تمر هباء، واليوم تقف الشعوب الأفرسيوية في ساعة الاختيار التي دقت، ودقت معها ساعة مسؤولية زعمائها وقادتها، فباندونج قد وضعت هذه الشعوب أمام مشكلات عضوية يفرضها بقاؤها، ومشكلات للاتجاه تفرضها الحالة العالمية.

وفي كل ناحية يوجد اختيار حاسم في المجالات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية جميعاً.

ولا شك أن مناقشات المؤتمر الأفرسيوي قد تخطت من الناحية النظرية النطاق الذي تتم فيه التطورات الضرورية على محور طنجة - جاكرتا، فعبرت عن الحرمان الذي يعانيه العالم من انعدام السلطة الأخلاقية، وأوجدت في الوقت

<<  <   >  >>