((إني لآمل أن يبذل جميع المندوبين الذين اجتمعوا هنا من أقطار آسيا كلها قصارى جهدهم في سبيل توحيد العالم))
غاندي (في مؤتمر العلاقات الآسيوية ١٩٤٦م)
ربما يطلق المؤرخون لفظ (التعايش) على المرحلة التي تعقب توتر الحرب الباردة في العلاقات السياسية بين الدول الكبرى. ومع ذلك فإن المؤثرات التي عملت على بلورة فكرته ستستمر طبيعياً في مهمتها، وستغير فيه مضمونه الأخلاقي وأهميته السياسية. وسيظهر شيئاً فشيئاً أن (التعايش) لا يقصد به إنقاذ حالة جامدة متفاوتة في قدمها، وليس معناه أن ينظر كلا الطرفين إلى الطرف الآخر دون أن يتقدم أو يتأخر، بل سيظهر أنه لا يمكن للشعوب أن تتعايش في ظل الرأسمالية والشيوعية على محور واشنطن - موسكو، وفي ظل الاستعمار والقابلية للاستعمار على محور طنجة - جاكرتا.
وإذن فعلى الرغم من أن لفظة التعايش قد تبقى خلال التاريخ، فإن فكرتها ستتغير ضرورة، فالعوامل الصناعية والعوامل الروحية التي أوجدتها، ستستمر في تكييفها طبقاً لحالات جديدة، ومن المحتمل خلال ربع قرن أن تتجاوز الفكرة التي تحتويها الكلمة مدلولاتها الحالية، فتظهر في شكل جديد تماماً. إذ يبدل من حالها التطور، محدث كل تغيير. وستحمل الكلمة خلال تطورها قدراً أكثر من المدلولات الأخلاقية والأدبية، إذ إنها من الناحية السياسية قد أثرت بألوان جديدة تدل على حيويتها، كما تدل على حيوية الغصن براعمُه التي تنجم في الربيع.