للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تمهيد]

هناك فلسفة، منذ عهد (كلوزفتز) ( Clausevitz) (١) ترى أن الحرب ((استمرار للسياسة بوسائل أخرى))، وذلك يعني في منطق الفعالمية- الذي يعدّ إحدى خصائص العقل الغربي- ضرورة حسم المشكلات الإنسانية بوسائل السياسة أو بوسائل الحرب، أي حسمها على أي حال.

ولكن نار هذه الحقيقة قد خمدت، فإن جيلنا يواجه مشكلات استعصى حلها على سياسة نصف قرن، وعلى حربين عالميتين، وكان الإخفاق في كلا الطريقين مدوياً.

وكان طابع هذه الفترة، هو أن سياسة غير مثمرة- لأنها مجافية للأخلاق- تقود حتماً إلى حرب مجافية للأخلاق، وبالتالي غير مثمرة، وهذه تؤول مرة أخرى إلى سياسة ترى أن (الخطأ) أقبح من (الجريمة) على ما ذهب إليه مفسرها الأعظم- تاليران ( Talleyrand) (٢) .

والأزمة التي ما زال العالم يتخبط فيها، تتصل بواقع يبدو أنه لا يخرج فلكي يحاول أن نرى من أي مهرب يخرج العالم من هذه الحلقة المفرغة، يجب أن نقول أولاً: من أي الطرق دخل إليها.

فمما لا نزاع فيه، أن العالم قد خضع لسيطرة أوروبا الأخلاقية والسياسية منذ قرنين من الزمان، والمشكلات التي لم تستطع السياسة والحروب خلال


(١) كارل فون كلورفتز Karle von Clausevitz، قائد ألماني (١٧٨٥ - ١٨٣١م)، وهو صاحب كتاب مشهور في فلسفة الحرب، عنوانه ((في الحرب De la Guerre)) .
(٢) تاليران Talleyrand سياسى فرنسى (١٧٥٤ - ١٨٣٨م) دخل ميدان السياسة إبان الثورة الفرنسية، ولعب دورًا هاماً في تخطيط السياسة الخارجية التي اتبعها نابليون الأول.

<<  <   >  >>