إن تقارير الصحافة التي خصصت لباندونج قد رأت في هذا الحدث عنواناً لفصل جديد من التاريخ، وربما كان هذا الفصل محاطاً بهالة أسطورية تسيطر على الأصول البعيدة للفكرة الأفرسيوية. وربما كان لهذه الفكرة أسطورتها المزخرفة ذات الإطار الغامض كسائر الأساطير.
فلقد قالوا: إن زعماء الهند وأندونيسيا قد اجتمعوا في أحد البلاد بجنوب أوروبا خلال صيف عام (١٩٧٢م) ليشتركوا في بحث حالة بلادهم الخاصة، والمشكلات التي تثيرها الامتيازات الاستعمارية من ناحية، والنشاط المضاد للاستعمار من ناحية أخرى.
ولكن المبدأ الأفرسيوي لم يدخل التاريخ إلا في باندونج، وربما كانت الأقدار تعد هذا المكان التاريخي لتلك الولادة. فقبل خمسة أعوام حدث في إطاره الفخم حادث ذو دلالة، في يونيو (١٩٥٠م) حين خاطب نهرو جماعة من الطلبة الأندونيسيين، فصاغ ضمناً نظرية العمل الضروري لتغيير الوضع في بلد في مرحلة أندونيسيا، بحيث تخلق في هذه المرحلة السابقة على الحضارة الشروط التي تتفق مع نمو الإنسان. قال:((إن العمل الشاق، والتعاون الوفير ضروريان، إذا ما أردنا بناء هذه الأمة الجديدة الحرة، أما الذين يضيِّعون مواهبهم في الثرترة، وفي المناقشة، وفي المنازعات التافهة فإنهم لا يخدمون بحق بلادهم)).
هذه الكلمات التي تهدف إلى تحويل ضمير صفوة من الشباب إلى منطق الإيجابية في التأثير، وإلى مستوى الواقع، هذه الكلمات لا تعتمد في الحقيقة على مضمون قومي معين، بل على مضمون اجتماعي ونفسي مشترك بين البلاد الأفرسيوية، حيث تجتاز هذه البلاد أزمة مشتركة في تاريخها، وحيث تجد نفسها في المرحلة نفسها من مراحل تطورها، وبذلك كانت تلك الكلمات كأنها